لا شك أن كل إنجاز أو اكتشاف أو اختراع يسهم في تقدم البشرية وإدخال المزيد من الراحة أو الرفاهية يجذب الاهتمام، كما يحظى بالقبول والتأييد ولاسيما إذا كان ذا طبيعة كونية لا تقف عند الحدود، بل تهتم بالإنسان كونه إنسانًا مثل التوصل لدواء لمرض خطير أو علاج ظاهرة عالمية تهدد البشرية وغيرها من الخطوات التي تنحاز للإنسان.

إلا أن الملاحظ أيضًا أن هناك العديد من الاكتشافات المبهرة التي سرعان ما تنقلب وترتد بعواقب وخيمة وتأتي بنتائج عكسية بسبب سوء الاستخدام، سواء بالإفراط فيه، أو التحايل على النحو الإيجابي المفترض فيه، أو غير ذلك من صور إساءة الاستخدام.

الحديث والاهتمام الآن وبكثافة ملحوظة بالذكاء الاصطناعي الذي سينتشر في كل مظاهر حياتنا تقريبا وسيحدث اختراقًا كبيرًا للأنماط التقليدية مبشرًا بتحول هائل لأنماط جديدة مريحة لكل من يتمكن منها ويقدر على استخدامها إلى درجة التوقع بأن تحل الآلة الذكية محل الإنسان في أداء الكثير من المهمات، وهو أمر أشاع الفرح والسعادة لدى البعض، لكنه أثار تخوف وقلق آخرين، خصوصا في ظل الحديث عن أن الذكاء الاصطناعي قد يكون بديلاً عن أكثر من ثلثي الوظائف في غضون السنوات القليلة المقبلة. مؤخرًا، استقال جيفري هينتون (75 عامًا) - وهو بمثابة الأب الروحي للذكاء الاصطناعي أو عراب التكنولوجيا الحديثة - من وظيفته بشركة غوغل العملاقة، معبرًا عن أسفه لعمله في هذا المجال “المخيف”، محذرًا من احتمال قيام بعض الجهات السيئة باستخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض شريرة، مؤصلاً لقاعدة مهمة ومؤكدًا عليها وهي أن ما نملكه من ذكاء يختلف تمامًا عن الذكاء الذي نطوره.

الخطير في الذكاء الاصطناعي كغيره من الإنجازات والاكتشافات التي مثلت ثورة في حياة البشرية هو صعوبة التحكم فيها أو وضع حدود لها، فبمجرد أن ترى الوجود تكون في يد وعقول البشر وعرضة للكثير من الانحرافات والتجاوزات في استخدامها.

* كاتب مصري