+A
A-

الشيخ إبراهيم بن خليفة: “المالية الإسلامية” تبرهن باستمرار قدرتها على الصمود في وجه التحديات

أكد رئيس مجلس الأمناء لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، أنه منذ أن أبصرت المالية الإسلامية النور قبل نحو خمسين عامًا، أثبتت الصناعة باستمرار قدرتها على الصمود في وجه التحديات، وفي الوقت نفسه حققت التوسع بمعدلات استثنائية من حيث الحجم، والنمو، والانتشار، والأثر.

وأشار الشيخ إبراهيم بن خليفة في كلمته بافتتاح أعمال النسخة الحادية والعشرين من مؤتمر أيوفي السنوي الحادي والعشرين للهيئات الشرعية أمس، إلى أن الصناعة استطاعت التغلب على العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية، بما في ذلك وباء “كوفيد 19” والأزمة المالية العالمية بالعام 2007. ومن حيث الحجم والنمو، تقدر قيمة موجودات الصناعة الإجمالية على مستوى العالم بنحو 3.374 بليون دولار، ويتوقع أن يرتفع هذا الرقم العام 2025 ليصل إلى 4.94 بليون دولار، بمعدل وسطي قدره 8 %.


وأضاف أنه “من حيث الانتشار والأثر، فإن للصناعة المالية الإسلامية وجود في 75 دولة على الأقل، وأصبحت قطاعًا مؤثرًا في النظام المالي في 15 دولة منها على الأقل، حيث تبلغ حصتها السوقية في السوق المصرفي المحلي 15 % على الأقل”. وذكر “لقد حققت المالية الإسلامية، في المجمل، أداءً مميزًا، وهي تعدّ ولا شك من قصص النجاح والتفرد. إلا أن ذلك يجب أن يكون محفزًا لنا لمواصلة الجهود وحشد الطاقات لكي تحقق المالية الإسلامية مستويات متقدمة من النجاح والتميز”.

واستعرض بعض جوانب التحسين والتطوير على صعيد المالية الإسلامية، حيث تتناول النقطة الأولى ممارسات الاستثمار والتمويل من قبل المصارف الإسلامية، فعلى الرغم من النمو الاستثنائي لموجودات المالية الإسلامية، فإن نسبة التمويل والاستثمار في الاقتصاد الحقيقي نسبة إلى الاقتصاد المالي هي، برأيي، مصدر قلق”.

ورأى أنه يجب على المصارف الإسلامية تنويع استثماراتها وتمويلاتها والابتعاد عن تركيزها المفرط في الودائع لدى المؤسسات المالية والحكومات وإدارة الموجودات، والتحول نحو قطاعات الاقتصاد الحقيقي مثل التصنيع والبنية التحتية، والمشروعات الصغيرة، والمتوسطة، والزراعة.

وإن هذا التوجه يتوافق مع الغرض الحقيقي للمالية الإسلامية، والتي يتوقع منها الكثير مثل إيجاد فرص العمل ومصادر الدخل، ورفع مستوى المعيشة وتحفيز النمو والنشاط الاقتصادي. ولفت إلى أن النقطة الثانية تدور حول ممارسات الاقتراض لدى حكومات الدول ذات الغالبية المسلمة، إذ إن الحكومات تصدر سندات تقليدية لتأمين التمويل الذي لا يستخدم دائمًا في أغراض إنتاجية، أو يقتصر استخدامه على تمويل الواردات، مما يؤدي إلى مشكلات في إعادة سداد قيمة تلك السندات، وميزان مدفوعات سالب يؤدي إلى تراجع قيمة عملاتها.


يذكر أن الإفراط في الاقتراض وخاصة لأجل تمويل الإنفاق التشغيلي والاستهلاك الكمالي وتمويل العجز يتسبب دائمًا في المشكلات الاقتصادية.

ولعل الخيار الأفضل لهذه الحكومات هو إصدار الصكوك، بدلًا من السندات. فالصكوك، إلى جانب موافقتها للشريعة الإسلامية، تنطوي على مزايا إضافية تتمثل في ارتباطها دائمًا بموجودات أو أنشطة إنتاجية (مثل مشروعات البنية الأساسية)، ما يعني استخدام التمويل فقط لأغراض إنتاجية وربط إعادة السداد بأداء تلك الموجودات أو الأنشطة، بحيث لا يتجاوز حجم الاقتراض قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها. وبذلك تتضاءل مخاطر إعادة السداد ويتعزز مستوى الشفافية والمساءلة.


وقال إن النقطة الثالثة تتناول دور الجهات الرقابية والإشرافية في متابعة تطبيق المعايير الصادرة عن أيوفي.

وإن مما يبعث على الارتياح أن نرى اليوم عدد الجهات الرقابية التي تطبق معايير أيوفي يناهز سبعين من قرابة 50 دولة، بمختلف صور التطبيق والاعتماد، ومن ذلك تلك التي أعلنت عزمها تطبيق هذه المعايير. وهذا يمثل توجهًا إيجابيًا على مستوى الصناعة، إذ يعكس العدد المتزايد للجهات الرقابية التي تعترف بمعايير أيوفي القيمة المضافة العالية لهذه المعايير. ومع ذلك فإن فاعلية هذه المعايير، وتحديدًا المعايير الشرعية، تتوقف أساسًا على جودة التطبيق.

ولا شك أن هذا يمثل مجالًا للتحسين المستمر على مستوى المالية الإسلامية ويتطلب اهتمامًا خاصًا من علماء الشريعة والجهات الرقابية على حد سواء.


وأكد الحاجة إلى التعاون وتعزيز روح الفريق بين جميع أصحاب المصالح في الصناعة المالية الإسلامية في تحقيق الرؤية المشتركة.

وهذا أمر في غاية الأهمية لكي تواصل الصناعة نموها وعنصر الابتكار فيها. ومن المجالات التي يتعين على أصحاب المصالح في الصناعة تعزيز العمل المشترك فيما بينها هي استخدام التكنولوجيا لإضفاء السمة الرقمية وطابع المعاصرة على الصناعة المالية الإسلامية بأجمعها.


وأشار إلى أن تعزيز متطلبات رقمنة الصناعة المالية الإسلامية يبشر بعدد من المزايا الجوهرية للبنوك الإسلامية نفسها والاقتصاد وقطاع العملاء.

وإن تعزيز الجانب الرقمي لا يؤدي فقط إلى تحسين كفاءة العمليات وسرعتها، وتقليل التكاليف ورفع مستوى الربحية، وإنما يمكّن المؤسسات من تقديم طيف واسع من المنتجات والخدمات التي ستجذب قاعدة متنوعة من العملاء والمستثمرين وتكسب ولاءهم في خضم أسواق اليوم التي ترتفع فيها حدة المنافسة وتتصاعد.


وشهد اليوم الأول من المؤتمر والذي تستمر أعماله اليوم (الاثنين)، توقيع رئيس مجلس أمناء أيوفي، الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، 4 اتفاقيات تفاهم مع بعض المؤسسات المالية، كانت أولها لتوقيع مذكرة تفاهم مع مصرف أفغانستان المركزي ويمثل المصرف يوسف سليم، والثانية لتوقيع مذكرة تفاهم مع مصرف ليبيا المركزي ويمثل المصرف المحافظ الصديق عمر الكبير، والثالثة لتوقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مركز الرصد في إيطاليا بالتعاون مع “Luiss Business School” يوقعها بالنيابة عنهم بترو، والأخيرة لتوقيع مذكرة تفاهم لتطوير منصة أدوات الخزينة وحلولها بين أيوفي و “Refinitiv” و “Securities Hub” يوقعها شاهر عباس ومصطفى عادل. كما شهد المؤتمر افتتاح المعرض المصاحب له.