العدد 5308
الخميس 27 أبريل 2023
banner
فضاءات لغوية رضي السماك
رضي السماك
مع علوي الهاشمي
الخميس 27 أبريل 2023

في اُمسية رمضانية شعرية تحت عنوان "عودة الشعر إلى صباه" استضاف مجلس أمير بن رجب الشاعر الكبير الدكتور علوي الهاشمي، حيث ألقى فيها مجموعة من قصائده متنوعة الأغراض ، تخللتها ذكرياته مع بعضها، ولعلها المرة الأولى التي يبوح فيها لمستمعيه' أو يذكر جوانب منها لم يسبق له التطرق إليها.  
والهاشمي، الاُستاذ الجامعي والناقد والمنظّر في الدراسات النقدية الأدبية، أحسبه غني عن التعريف، ولا أظنني بحاجة إلى إعادة تعريفه للقراء في هذه العجالة ، سيما وأن عريف الاُمسية د.محمد حميد السلمان قد قدّمه إلى الجمهور بنبذة ضافية، كما سبق أن أجرى معه حواراً شاملاً في برنامجه المنزّل على اليوتيوب تحت عنوان " حديث الذاكرة". والحال فإنه يحق للبحرين أن تفتخر به كواحد من أبرز الشعراء الخليجيين والعرب الذين يجمعون موهبة القصيد مع التخصص الأكاديمي العلمي في النقد والتنظير الأدبيين، وله دراسات في هذا المجال ذائعة الصيت، لعل أشهرها "السكون المتحرك" في ثلاثة أجزاء.
ومن أمتع مارواه عن بدايات قرضه الشعر حكايته مع قصيدة "من أين يأتي الحزن" التي ألقاها في مهرجان المربد في العراق في أوائل السبعينيات،وكان الشاعر قلقاً لأن القصيدة تكاد تكون الوحيدة الجاهزة لديه والأشهر بروزاً حينئذ، فهو حينما استقل الحافلة المخصصة لنقل تجمع من كبار الشعراء العرب الكبار إلى مكان المهرجان، فإذا به يُفاجأ عندما جلس خلف السائق مباشرة بأن هذا الأخير وهو في انتظار ركوب بقية الشعراء يترنم بكلمات القصيدة، فسأله لمن تكون هذه القصيدة؟ فأجابه: لا أعلم .. لربما لشاعر من الكويت أو الإمارات، عندها أطمئن الشاعر لجهله صاحبها. 
أما الحكاية الثانية التي يرويها عن تلك القصيدة ذاتها، فقد حدثت له إبان زيارة أخرى للعراق بعد عقود خلت من الزيارة الأولى، وذلك أثناء مقابلة صحفية بمقر إقامته في فندق الرشيد أجرتها معه الإعلامية العراقية المغدورة أطوار بهجت، فحينما سألته سؤالها الذي وصفته بالأخير : ماهي القصيدة التي كنت تود تدوينها ولم تدونها؟ فأجابها أنه يعتز بكل قصائده، ويُعدها حبلى لميلاد قصائد جديدة لاحقة، وأن هذا الإحساس ظل يلازمه طوال تجربته الشعرية مع كل قصائده بلا استثناء، وما أن ضرب لها مثلاً بقصيدة "من أين يأتي الحزن"، حتى صُعقت لإجابته،  وسقط القلم ومدونة المقابلة إلى الأرض من هول المفاجأة، حيث لم تكن تعلم  مسبقاً بأنه صاحب القصيدة التي كانت تهواها، رغم كونها شاعرة حينها لربما في بدايات مسيرتها الشعرية. وقد عدّ الشاعر هذين الموقفين اللذين مر بهما في العراق دلالة قاطعة على تولع وعشق الشعب العراقي بالشعر العربي. 
وإذا كان الشعراء يحظون بالشهرة إذا ما لامست قصائدهم شغاف قلوب مستمعيها المتمتعين بحد أدنى على الأقل من المستوىات الثقافية أو الأدبية والذائقة الشعرية، فإن هذه الشهرة تزداد وتتضاعف إذا ما قُيّض لأي شاعر  أن يعيد خلق قصيدة واحدة أو أكثر   -موسيقياً-  فنان يمتلك موهبة الإبداع الموسيقي والغناء، وهذا ما عبّر عنه شاعرنا الهاشمي في تلك الاُمسية عندما أشار إلى تأثره الشديد بقصيدته  "جراح في عيون الحُب" بعدما غناها  الفنان والملحن البحريني خالد الشيخ ، والتي تُعد واحدة من أشهر أغانيه نجاحاً، وأشاد الشاعر بعذوبة اللحن والإيقاع الجديد الذي جاء به الفنان الشيخ في قالب موسيقي غنائي أخاذ حملت الهاشمي الشاعر على القول بأن قصيدته بدت وكأنها غريبة عليه لا يكاد يعرفها! 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية