العدد 5304
الأحد 23 أبريل 2023
banner
أعلمُ ماذا فعلت العيد الماضي
الأحد 23 أبريل 2023

كنت تنفض عن قلبك غبار الجائحة التي اجتاحت بيتك وحيك وفرقت بينك وبين أحبتك، وقوضت بعض علاقاتك، وغيبت عنك أعز رفاقك بالحجر أو الوفاة، وزرعت الرعب في نفسك من كل من حولك من الوقوع في جب الوباء.. كانت الأمواج الكسولة للوباء تنحسر في جَزْر العافية، لكنك بَعدُ كنتَ تتوجس خِيفة من الاختلاط بأهلك وأحبائك العيد الماضي.. فعلت ذلك بحذر وعلى استحياء، ومقنعاً قبلتَّ رأس والديك وهنأتهم بالعيد السعيد. تركت مسافات أمان وبعثت قبلك للجميع عبر أثير الوقاية والحذر.
أعلمُ أيضاً ما فعلتَ هذا العيد.. استيقظتَ ممتناً لنعمة السماء، إذْ منَّ الله عليك بعمر جديد وعيد آخر بلا احتياطات ولا فراق ولا تهانٍ عبر وسائل التواصل، محاطاً بأهلك وذويك وأخلائك تملأون الأجواء صخباً وضحكات وبهجة بالعيد تارة وباللمة العزيزة تارةً أخرى.
كن ممتناً على الدوام بالفعل لا الكلمة، والعيد فرصتك الأخيرة ربما لتصلَ رحمك الذي قطعته أو قطعك، وتستشعر حاجات المعوزين وتشارك في برامج الإعانة للمحتاجين لكسوة العيد والطعام بأي شكل مناسب وممكن. ليس العيد أن تلبس الجديد وأن تؤدي الصلاة في المسجد في الصباح، ولا أن تزور أهلك وتتناول الطعام يوم العيد وحسب، بل أن تستشعر نعمة الإسلام، ووجود أسرتك حولك، وألم الآخرين لفقدهم عزيز لهم حرموا من وجوده هذا العيد، أو مريضٍ لهم يتألم في فراش المرض وينغص عليهم زهوة عيدهم. العيد أن تدعو لغيرك كما تدعو لنفسك وتبهج الآخرين كما تبهج نفسك وتسعد أطفال الآخرين كما تسعد أطفالك.
أنا لا أعلم ما تنوي أن تفعل العيد المقبل، لكنني أكيدةٌ بأنك تملك من الحب ما سيدفعك للعطاء أكثر، ومن الإحساس المرهف والتعاليم السمحة التي أمرتك بالصوم لتستشعر جوع المساكين، وبالإفطار يوم العيد لتُكافأ بطاعة الله شهراً كاملاً، ما سيجعلك تتقمص شعور الفقراء والفاقدين والمكلومين، ولن تمر فوق أشجان ومحن هؤلاء مرور الكرام وقد مُنِحتَ ومُلِّكتْ.
كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .