يستخدم الفنان العالمي فابيو كومباريليلي ملف الذكاء الاصطناعي في تصميم لوحاته الفنية، وقد حازت لوحته المتحركة الأخيرة متعددة المشاهد عن تطور أسلحة الحروب من الحجارة إلى السلاح الذري على إعجاب منقطع النظير، حيث انتشرت على أوسع نطاق في “السوشال ميديا” ووسائل الإعلام العالمي، لكن لقطة النهاية لإسقاط القنبلة النووية على إحدى المدن الحديثة، ذات العمارات الشاهقة، جاءت خاطفة وسريعة، ربما في أقل من ربع ثانية، وكم كان جميلاً لو أعطى كومباريليلي لقطة النهاية حقها؛ بالنظر للخطورة المتناهية للأسلحة النووية باعتبارها أخطر وسائل الإبادة الشاملة، بحيث تشمل اللقطة مشاهد لمدينتي هيروشيما ونجازاكي بعد تدميرهما بالسلاح النووي الأميركي نهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك صورا للأهوال غير المسبوقة التي عانى منها سكان كلتيهما من إشعاع المحرقة النووية، هذا عدا مئات الألوف الذين أبيدوا على الفور.
من جانب آخر والأكثر مدعاة للسخرية في اختلال موازين العدالة الدولية أن الدول الكبرى، وعلى الأخص الولايات المتحدة التي فرضت نفسها كشرطي دولي رقيب على دول العالم التي تحاول إنتاج السلاح النووي، متخطية بذلك اختصاص وكالة الطاقة الذرية، هي نفسها لا تتوانى عن الدخول في سباق لامتلاك أكبر مخزون نووي وتطوير أسلحته تكنولوجياً بمديات غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وهكذا فمنذ نهاية هذه الحرب يشهد العالم مفارقة مذهلة، فرغم ما وصل إليه الفكر الإنساني الحقوقي الدولي من تطور كبير غير مسبوق، وبالرغم مما وصلت إليه الثورة العلمية والتكنولوجية من تقدم هائل، إلا أن ترجمة تلك الاتفاقيات على أرض الواقع تكاد تكون صفراً. وإذا كان يمكن فهم سعي دول عديدة، جلها شمولية ودكتاتورية، لامتلاك السلاح النووي، فكيف لنا أن نفهم صمت برلمانات وشعوب دول ديمقراطية متقدمة على هذا الإنفاق الرهيب - الذي يستنزف مواردها المالية والاقتصادية - على تطوير ومضاعفة مخزونها النووي؟ وهو الذي يأتي على حساب التنمية والرفاه والتقدم الاجتماعي والحضاري لتلك الدول الكبرى الديمقراطية نفسها، دع عنك دور سياساتها الخارجية في خلق بؤر التوتر الدولي المؤدية إلى حروب إقليمية خطيرة، ولعل آخرها وأخطرها الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة منذ أكثر من عام، والتي تنفق عليها تلك الدول أرقاماً مهولة من الأسلحة!.
* كاتب بحريني