العدد 5258
الأربعاء 08 مارس 2023
banner
كثرة الأعذار والاعتذار
الأربعاء 08 مارس 2023

تتنوع الفنون وتختلف، ولعل أكثرها رقياً فن التعامل مع الآخرين، ويعد هذا الفن سيد العلاقات الناجحة، فالتواصل الحقيقي قائم على الثقة والاحترام والتقدير وحسن التعامل والتماس العذر للطرف الآخر وغيرها من قيم نابعة من حس إنساني حميم يليق ببوصلة العلاقات الإنسانية بشتى أنواعها، وتعد ثقافة الاعتذار من ملطفات العلاقات السوية، خصوصا إذا ما شعر الطرف المعتذر بخطأ من قبله وبادر بتقدير الاعتذار تعبيرا عن الندم ورغبة في عدم خسران الطرف الآخر وتعزيز التسامح، وعن ثقافة الاعتذار وصفت “جمعية علم النفس البريطانية” الأشخاص الذين يعتذرون كثيرا بأنهم الأكثر دفئا وإخلاصاً، وفي المقابل قد يصف البعض الاعتذار بأنه مهمة شاقة عند البعض وذلك لعدم مقدرة بعض الأشخاص على تقديم الاعتذار رغم ارتكابهم الأخطاء بحق غيرهم إلا أن الاعتذار يظهر في مخيلة المعتذر وكأنه فعل قد ينقص من كرامته ويعري ذاته ويظهرها بصورة ضعيفة أمام الطرف الآخر، فلا يستطيع الموازنة بين ما يقتضيه الخطأ من اعتذار وما يجول في خاطره من عدم رغبة في كسر الكبرياء والاعتراف بالذنب، وهنا لابد من أن نشير إلى أن كثرة إيجاد الأعذار التي قد تصدر من الشخص المعتذر وكثرة التبريرات للسلوكيات الخاطئة مشكلة، فمن يجد أعذارا لكل شيء ويعتذر بصورة مستمرة يترك انطباعاً عن شخصيته التي لا تتسم بالنضوج، ويتضح عدم إدراكه عواقب الأخطاء التي يرتكبها ويغيب عنه مدى الألم الذي يسببه للطرف الآخر، فهو في كثرة تقديمه الأعذار وكثرة الاعتذار كأنه يصر على تكرار الأخطاء ويجد في الاعتذار وسيلة سهلة جدا لمقاومة ضعفه في الداخل.

الاعتذار كثيراً ليس بالضرورة يعني ذوقا ورقيا، بل هو ضعف يكشف عن نفسه في المواقف الكبيرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .