العدد 5202
الأربعاء 11 يناير 2023
banner
قراءة في ثلاثة مقالات
الأربعاء 11 يناير 2023


عادةً ما أحرص على قراءة صحيفة "البلاد" التي أتشرف بالكتابة فيها من الغلاف إلى الغلاف،وأهتم بوجه خاص بمقالات الرأي، وذلك لتفادي اجترار ما قد سبقني الزملاء في مقالاتهم في الفكرة والمعلومة والتحليل، وبالمثل أحاول أن أطلع على ما أمكنني ذلك سبيلا على مقالات الرأي في الصحف المحلية وسائر الصحف الخليجية والعربية، وكم أكون سعيداً حينما يسبقني زميل لي في الصحيفة في الكتابة عن موضوع كان يراودني التفكير في الكتابة عنه طويلاً ، فكأنه بذلك أزاح  هماً من على صدري في تحين الوقت المناسب للكتابة عنه في خضم زحمة مئات الأفكار المتراكمة التي يزدحم عقلي بها، أو كما شاع ونُقل عن الجاحظ خطأُ لدى أكثر من كاتب خليجي في صحف خليجية  قولهم : " الأفكار مرمية على قارعة الطريق" وهو عنوان تكرر على الأقل في مقالين ، إذا أن هذه المقولة أو الأسلوب لا ينتميان البتة للأسلوب الكتابي الذي تميز به عصر الجاحظ. 
وقد لفت نظري مؤخراً ثمة ثلاثة مقالات جميلة سبقني إليها الأخوة الزملاء وسررت بها أيما سرور:  
المقال الأول: وهو للصديق صلاح جاسم مراد، ابن الشخصية الوطنية الكبيرة المعروفة المرحوم جاسم مراد، والذي سبق غير مرة أن كتبت عنه،وقد أعجبني توقيت المقال، حيث كتبه في الذكرى الرابعة لرحيل الفقيد والده، كاسراً بذلك عُرفاً عربياً وعالميا بالكتابة عن الشخصيات المؤثرة في مجتمعاتها وساحاتها السياسية والثقافية والفكربة بعد مرور حلقة من الزمن، كذكرى مرور عشر سنوات، أو عشرين سنة،  أو ربع قرن ،أو حتى 50 عاماً فما فوق، فالرجل قرر أن يكتب عن أبيه حالما اختمرت الفكرة وقريحة الكتابة عنده ، والفراغ الموحش المؤلم الذي خلّفه لكل عائلته بعد غيابه ، دون أن ينتظر مرور حلقة عقدية من الزمن، وهذا خليق بالمناسبة أن يفعله نحن معشر الكتّاب أيضاً، ولا أبرأ نفسي -ككاتب-  من الوقوع في أسر هذا التقليد العربي والعالمي المزمن. وكم أمتعنا الكاتب بما كشفه من جوانب إنسانية عائلية جديدة في حياة هذا الراحل العظيم، علاوة عمّا نُشر  عنه كثيرا ، سيما كتاب الدكتورة غنية عليوي " جاسم مراد.. اُفق لم يتسع له وطن" والذي نزل في سوق الكتاب البحريني منذ بضعة شهور . ومن هذه الجوانب قصيدة نظمها الدكتورحسن النعمة، ابن خالة الكاتب، وبيتان جميلان رثى بهما الشاعر البحريني الاستاذ تقي البحارنة الفقيد الراحل ،  وشهادة رثائية في الراحل خطها البروفيسور إميل نخلة، وآخرون . وبيتان اجتهدت رفيقة حياة الفقيد أبو صلاح في نظمها، والتي كان الراحل يكن لها ويبادلها نفس مشاعر المحبة الصادقة العميقة ،لا بل يكنُ لها عشقاً لا حدود له. ومن هنا جاء تغنيه وترنمه بواحدة من أشهر وأعذب الأغاني العراقية القديمة ذات الشهرة الواسعة في خليجنا العربي والجزيرة العربية، ألا هي أغنية " يانبعة الريحان" ما أن يدخل من باب البيت يومياً عائداً من عمله. 
المقال الثاني: وهو للزميل الكاتب محمد المحفوظ الذي تساءل بحرقة، معبراً عمّا يختلج الكتّاب والمثقفين في البحرين من ألم يعتصرهم، عن سبب غياب معرض الكتاب لفترة طويلة، حيث نوّه كيف كانت عراقة  البحرين في تنظيم معارض الكتاب على مدى عقود بين دول مجلس التعاون، وكيف أضحت اليوم . فإذا كان يمكن فهم هذا الغياب خلال فترة جائحة كورونا، فمن غير المفهوم أن يغيب خلال العام الماضي، في الوقت الذي استضافت فيه كل دول الخليج معارض للكتاب فيها، بل أضيف من جانبي أن السعودية باتت تنظم  ثلاثة معارض دولية على الأقل في العام الواحد. 
المقال الثالث: وهو للزميلة الكاتبة سلوى المؤيد، وهو عبارة عن مصارحة بناءة وجاءت تحت عنوان " إلى متى سيسبب المعرض السنوي الإحباط لبعض الفنانين البحرينيين؟" وفد تناولت ما يواجهه أيضا المبدعون البحرينيون في الفن التشكيلي من إحباط جراء بعض المشاكل الداخلية البيروقراطية المستجدة التي تعوقهم دون مشاركة لوحاتهم الإبداعية في المعارض الدولية، في الوقت الذي لم تكن البحرين لفترة طويلة تعرف مثل هذه الإشكالية التي لا لزوم ويمكن حلها بسهولة . 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية