العدد 5169
الجمعة 09 ديسمبر 2022
banner
الحياة تكون خيرا لأهلها لو خلت من الكراهية
الجمعة 09 ديسمبر 2022

عندما تقرأ لبعض الأدباء والكتاب تشعر أنهم يهبونك الراحة والصفاء، ويمنحون العالم الفرح والسعادة، كما هو الحال مع الكاتب المسرحي جان جيردو الذي يفتح بكتاباته المسرحية نوافذ الأشياء الجميلة أمام وجوه القارئ، فأدبه في الواقع أدب هادف، وهدفه إدخال السعادة إلى قلوب البشر، والدفاع عن حق الإنسان في السعادة، ففي مسرحية “سيجفريد” مثلا حاول أن يعالج العلاقات بين فرنسا وألمانيا خارج إطار العداء، وخارج حتمية الكراهية السائدة بينهما بسبب العوامل المختلفة، فبطل قصته فرنسي فقد ذاكرته وتحول إلى ألماني، بل إلى ألماني متعصب لألمانيته، ثم يستعيد ذاكرته ويعود إلى فرنسا ويعيش في جو التعصب القومي ضد الألمان وهو يتساءل عن معنى كون هذا الإنسان تقمص الروح الفرنسية، ثم تقمص الروح الألمانية وتعصب لكل منهما فترة من الزمن ثم عاد إلى فرنسا، ومادام عاش التجربتين فما سر ما يحمل من عداء، وما سبب الكراهية؟
إنها عاطفة لا تثبت أمام العقل المفكر، وهكذا كل عاطفة كراهية بين الشعوب وبعضها، أو بين الأفراد وبعضهم البعض، وكأنه يقول إننا لو رجعنا إلى العقل الحكيم لعشنا حياة البشرية السعيدة.
ونراه كذلك في “أليكترا” فإنه يحور مأساة سوفكليس القديمة لكي يصل إلى هدف معين، هو أن الحياة تكون خيرا لأهلها لو أنها خلت من الكراهية، والبغضاء، والحرص على الثأر، فالقصة كما صورها سوفكليس هي أن أم أليكترا وعشيقها إيجسشوس قتلا معا آجا ممنون والد ألكيترا، وظلت ألكيترا تبغض أمها وتحاول أن تثأر منها لأبيها، وتنتظر عودة أخيها الغائب ليثأر لأبيه، لكن جيردو يحول القصة فيجعل أليكترا تكره أمها دون أن تعلم حقيقة الجريمة التي ارتكبتها وعشيق أمها وقد أصبح ملكا على المدينة بعد آجا ممنون ويتصور أن أليكترا تعلم، ويحاول أن يردها عن نية الثأر، ويتصور أن الآلهة ويرمز بها للقدر تحرض أليكترا على الثأر فيحاول جاهدا أن يباعد بينها وبين الآلهة، فهو إذا يرسم لنا إيجسشوس في صورة من يريد أن يدفع المأساة عن البشرية.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية