العدد 5115
الأحد 16 أكتوبر 2022
banner
طيران الخليج وحلم نادي أفضل 10 ناقلات جوية في العالم
الأحد 16 أكتوبر 2022

لم أكن لأتخيل يومًا أن أتحدث بإيجابية عن شركة طيران الخليج بعد تجربة مريرة عشتها معهم شخصيا قبل قرابة عشر سنوات على إحدى رحلاتها المباشرة، فما كانت تمرّ به في تلك الفترة من تردٍّ صارخ في خدمات الحجوزات والضيافة وغيرها الكثير كان واضحًا بصورة دامغة للجميع. الصورة الآن للناقلة الوطنية مغايرة تمامًا لما كانت عليه الحال قبل عقد من الزمن وأكثر، مقارنة بسيطة بين “قبل” و ”بعد” العام 2018 تظهر الكثير من التحسن والتطور في نموذج عمل الشركة وأدائها التشغيلي. 
تحوّلت شركة طيران من مرحلة أن تكون الخيار الأخير للمسافر لتصبح الخيار الأول أمر في غاية الصعوبة؛ نظرًا لفداحة التحديات التي تواجه صناعة النقل الجوي باستمرار كالاضطرابات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط وكلف وقود الطائرات بمختلف أنواع الكيروسين، مرورًا بالجوائح الصحية ككوفيد 19 والاشتراطات البيئية الصارمة في تشغيل الطائرات بضوضاء أقل وانبعاثات صديقة لطبقة الأوزون؛ للحد من أهوال الاحتباس الحراري.  
هذا التحول كان على رأس أجندة استراتيجية (البوتيك) التي دشنتها طيران الخليج في العام 2018، هدف قد يكون بعيد المدى جدا وصعب المنال لخطوط جوية كانت في ذيل القائمة العالمية آنذاك في المرتبة 89 من أصل 104 شركات طيران وفقًا لشركة “سكاي تراكس” المتخصصة بالتصنيف الجوي. ولكنها استطاعت بفضل تضافر الجهود الوطنية وإدارة خلية نحل لا تنام بقيادة رئيس مجلس الإدارة زايد الزياني وقبطان الدفة التنفيذية القائم بأعمال الرئيس التنفيذي وليد العلوي أن تحقق المستحيل في زمن قياسي بالقفز 67 مركزًا خلال 4 سنوات لتنضم لنادي أفضل 25 شركة طيران في العالم، محرزة المرتبة 22 هذا العام.  
قبل المركز 22 في قائمة 2022، كانت في المرتبة 44 في تصنيف العام 2021، اي قفزت 12 مركزا دفعة واحدة في عام واحد، وكذلك الحال بالنسبة لترتيبها في العام 2019 حينما تقدمت للمركز 71 مقارنة بالمركز 89 في العام 2018، بمعدل تقدم سنوي 18 مرتبة. انضمامها لنادي أفضل 25 خطًّا جويا حاليا يجعلها تتفوق على أسماء مرموقة عالميا كالخطوط النيوزيلندية والسعودية والطيران العماني ودلتا أيرلاينز والخطوط التايلاندية والكندية والنمساوية و ”غارودا إندونيسيا” وغيرها. 


إعادة ترتيب البيت الداخلي لطيران الخليج كانت أشبه بما يعرف بالإنجليزية from scratch، أي من الصفر، إصلاح شامل لجميع غرف ومرافق هذا البيت العتيق، التي شملت تغيير الهوية التجارية والزي الرسمي وتسريع خطى التحول الرقمي، وإعادة دراسة وجهات السفر الأكثر ربحية للناقلة وتسعيرة التذاكر، إلى درجة تغيير درجة الألوان المستخدمة في طلاء الطائرات وتغيير إحساس موظفي طيران الخليج بمختلف مواقع عملهم تجاه الشركة لتكون مكانا مثاليا للعمل، مرورًا بتنويع أسطول الطائرات؛ لكي لا تقتصر على “أيرباص” الأوروبية فقط، لتنضم إليها طائرات “بوينج” الأميركية. مع وجود طلبية قوامها 39 طائرة جديدة، منها 29 طائرة أيرباص (321 نيو و320 نيو) و10 طائرات بوينج (دريملاينر 787). 
تقدّم ترتيب الناقلة الوطنية في 2022 على وجه التحديد يرجع كذلك إلى كون طيران الخليج من الشركات القلائل على مستوى العالم التي استمرت في تشغيل رحلاتها الجوية خلال جائحة كورونا دون توقف في عملياتها، بل كانت من أوائل شركات الطيران التي ساهمت في نقل وشحن اللقاحات والمستلزمات الطبية جوا وضمان استقرار المخزون الغذائي للمملكة، إلى جانب نقل الطواقم الطبية لتشغيل مراكز العزل والمستشفيات أُثناء الجائحة. كذلك الحال بالنسبة للجانب الإنساني في تسييرها لرحلة إجلاء إلى الولايات المتحدة الأميركية ضمن عمليات الإجلاء المتعلقة بأفغانستان وذلك ضمن الجهود الإغاثية والتضامن الإنساني مع أفغانستان ودعم جهود الإغاثة مع الشركاء الدوليين، لتكون أول شركة تجارية في العالم تؤدي هذه المهمة الإنسانية.
عادة ما تستسلم شركات الطيران بسهولة لمقولة “إرضاء الناس غاية لا تدرك”، ولكن طيران الخليج أخذت على عاتقها في الفترة الأخيرة كسر هذه القاعدة مع هدف التحول إلى شركة الخيار الأول للمسافر وتقديم تجربة سفر استثنائية. بعد مرور أكثر من 70 عاما على انطلاقة رحلتها الأولى في 24 مارس 1950، وتحولها إلى ملكية البحرين في 6 مايو 2006، وما مرّت به من أحداث سارّة وأخرى غير سارّة، بدأ الجميع يلمس أخيرًا التغيير المنشود في نوعية الخدمات المقدمة داخل وخارج مقصورة طائرات طيران الخليج، وأضحى أول انطباع لدى المسافر على متن الناقلة الوطنية “جيدًا” بعد أن كان “سيئا” لبعض الوقت، بدءًا من الحجز الإلكتروني عبر الموقع الرئيسي للشركة، مرورًا بمنصات الاستقبال في المطار وتأكيد الحجز وفترة الانتظار لحين دخول الطائرة، ونوعية المقاعد وخدمات الضيافة والترفيه على متن الطائرة بين موعدي الإقلاع والهبوط، وانتهاءً بمغادرة الطائرة. 
قد يكون تحليق “الصقر الذهبي” ضمن أجواء العشرة الكبار في العالم ومقارعة أفضل أربعة على الإطلاق كالخطوط القطرية وطيران الإمارات والخطوط السنغافورية وخطوط “أول نيبون” اليابانية أضغاث أحلام في الوقت الراهن، بيد أنها ليست مستحيلة وقابلة للتحقق لطيران الخليج في المستقبل المنظور في حال استمرت على نهج استراتيجيتها الطموحة بأن تكون الأكثر تطورًا كل عام وتلبي تطلعات عملائها أوّلًا بأول، بل وتتخطى توقعات مسافريها بدرجة (البوتيك)، اسم على مسمى استراتيجيتها، “خطوط جوية بحرينية” بمستوى خدمات الخمس نجوم وأكثر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .