العدد 5114
السبت 15 أكتوبر 2022
banner
السعودية لا تخشى الرياح
السبت 15 أكتوبر 2022

حسنًا فعلت المملكة العربية السعودية حينما ردت وبطريقتها الهادئة الحازمة الصاع صاعين على التنمر الدبلوماسي والسياسي الذي مارسته الإدارة الأميركية بغرفها الثلاثة “البيت الأبيض والخارجية والكونغرس”، وذلك بسبب ما عملوا على تحويره بأن السعودية تحالفت مع روسيا في أوبك+ من أجل ضرب العقوبات التي فرضتها أميركا والناتو على روسيا.
السعودية التي عرفت بأنها تميل إلى ممارسة ضبط النفس مع كل نزعات التشهير والتضليل الإعلامي والسياسي خرجت هذه المرة عن صمتها لتقوم (لا) عريضة لكل الألعاب الأمريكية على حبال السياسات المتناقضة مع الحلفاء والأصدقاء.
إن التصريحات الأميركية المضللة التي أطلقت تجاه السعودية لا يمكن فهمها في إطار التعاون المشترك بين البلدين باعتبارهما شريكين مهمين في القضايا المتعلقة بالمنطقة والطاقة في العالم، إلا أنها تعد نوعا من التعالي والتعامل بفوقية، وهذا لا يجوز أن يتم مع دولة مركزية لها ثقلها الكبير في العالم الإسلامي والعربي على الصعيد العالمي.
للذين يعرفون سياسات الممكلة العربية السعودية فهم يدركون جيدًا أن هذه السياسات لا تخضع إلى أمزجة وأهواء بقدر ما تخضع للمصالح العليا للمملكة السعودية، وليس من المقبول أن تضحي السعودية بمصالحها ومصالح شعبها في سبيل قبول إملاءات سياسات أميركية جرّت على أميركا وعلى حلفائها من دول الناتو الويلات الاقتصادية والأمنية والقادم أعظم.
إن على أميركا أن تنظر في المرآة لترى الصورة الكبيرة وتدرك أن ما يدور في أوكرانيا هو بفعل التحريض الأميركي المستمر من أجل محاربة روسيا باللحم الأوكراني والمال والجغرافيا الأوربية، وإن عليها كدولة عظمى وبدلا من إلقاء التهم جزافًا على الدول لتبرير فشل سياساتها العالمية في أكثر من موقع أن تنتهج النهج الواقعي في تدوير الزوايا من أجل الخروج بحلول تلقي بظلالها الإيجابية على العالم، وإن بقاء هذه الحرب لفترة زمنية أخرى قد تصب في الوقت الراهن في صالح أميركا، ولكنها على المستوى البعيد ستكون وبالا على الجميع.
ولعل موقف مجلس التعاون الخليجي المساند لموقف المملكة العربية السعودية عنوان صريح يجب أن تقرأه أميركا جيدًا وتفهم مضامينه؛ لأن فيه ما فيه من الكثير الذي يجب أن يقال، وأخيرا نقول إن السعودية شجرة لها جذور عميقة فهي لا تخشى الرياح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية