منذ سنوات عدة انتشرت في دولنا وثقافتنا العربية ظاهرة سلبية تتمثل في التسابق بين الشباب تحديدًا على كل ما هو جديد وعجيب من توافه الأمور، فقط ليظفر الشاب بلقب “الأول” سواء على صعيد الهيئة واللباس أو على صعيد السلوك والتصرفات، والتهافت على أنواع من التحديات الفارغة التي لا تعكس سوى حياة الترف والفراغ رغم ما هو واقع بالفعل من تحديات وصعوبات حياتية حقيقية أمام جميع فئات المجتمع ولاسيما الشباب.
المنافسة والاكتشاف والاختراع أمور مطلوبة ومهمة بلا شك عندما تكون في مجالات مفيدة ونافعة للنفس والغير، وهذا بخلاف ما نراه بصورة متكررة على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها في أمور لا تحمل أي نفع، بل على العكس قد تتسبب في أضرار لفاعلها أو غيره.
يبدو أن هذا الهوس للحصول على لقب الأول ظاهرة عامة، ومن آخر صيحاته هذا الرجل الذي قطع آلاف الأميال لكي يشتري أحدث جهاز آيفون (14)، فقط قبل ساعات من بيعه في بلده في محاولة ليصبح واحدا من أوائل الأشخاص في العالم الذين اشتروا الهاتف الجديد، وفي سبيل هذا الهدف والحلم “الكبير” أنفق نحو (500 دولار) على تذاكر السفر بخلاف تكلفة شراء الهاتف. الغريب أن هذه هي المرة الرابعة لهذا الشخص التي يسافر فيها لمجرد شراء الهاتف قبل الآخرين، مفسرًا هذا الشغف بالقول إنه من عشاق التكنولوجيا، وإن ستيف جوبز الرئيس التنفيذي السابق لشركة آبل الذي توفي في عام 2011، يمثل مصدر إلهام له، وإنه بهذا الحرص على أسبقية اقتناء الهاتف يحيي ذكرى هذا الرجل.
بطبيعة الحال مثل هذه الأمور تندرج ضمن الحرية الشخصية لكل شخص، لكننا نتكلم عن مخاطر اجتماعية وتربوية جراء مثل هذه التصرفات “الطائشة” من قبل بعض الشباب في مجتمعاتنا العربية التي تحمل إما خطورة على حياتهم وحياة من يقلدونهم، أو تحمل استهتارًا بقيم وثقافة المجتمع أو تعكس بذخًا وترفًا يثير الأحقاد.