العدد 5094
الأحد 25 سبتمبر 2022
banner
توأمة اقتصادية استثنائية بين المنامة والرياض
الأحد 25 سبتمبر 2022

استبدلت معالم مملكة البحرين هذه الأيام لونها الأحمر الوطني لتتزيّن بالأخضر إيذاناً بحلول ذكرى عزيزة على قلوب الجميع هي اليوم الوطني السعودي الثاني والتسعين، عيد وطني مجيد لا يرتبط بالمملكة العربية السعودية فقط، بل يخص مملكة البحرين ودول المنطقة التي كانت ولا تزال اقتصاداتها المستفيد الأكبر من النهضة الشاملة لأكبر اقتصاد في المنطقة وأسرعها نموا على الإطلاق. 
ثمة علامات فارقة تجعل وشائج القربى بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية استثنائية بامتياز، تداول العملة السعودية “الريال” في السوق البحرينية في كافة منافذ البيع والمتاجر ومحطات الوقود حاله حال العملة المحلية “الدينار”، واستقبال آلاف السعوديين يوميا في بلدهم الثاني البحرين عبر أكبر منفذ بحري في المنطقة “جسر الملك فهد” باستخدام بطاقة الهوية فقط والعكس صحيح للمواطنين البحرينيين الزائرين لجارتهم الكبرى، ناهيك عن حرية تملك العقار والاستثمار والتجارة دون قيود، كلها تجعل هذا النموذج التلاحمي نموذجا يحتذى ندر نظيره إقليميا وعالميا. 
هي توأمة نادرة واستثنائية بين المملكتين الشقيقتين، جسدان يشتركان بقلب واحد شرايينه الحمراء والخضراء تغذّي حياتهما بالنماء والازدهار منذ أكثر من 3 قرون، ازدادت رونقا مع الإعلان التاريخي للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي وحّد كيان الشقيقة الكبرى في يومها التاريخي 23 سبتمبر 1932، ووصلت ذروتها مع افتتاح جسر الملك فهد بتاريخ 26 نوفمبر 1986 في حكم المغفور لهما خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. 
لغة الأرقام هي أفضل ما يمكن أن يترجم هذه التوأمة بين الجارين التاريخيين على كافة الصعد وبخاصة الاقتصادية منها، فمملكة البحرين والمملكة العربية السعودية تشهدان ارتفاعاً في حجم التجارة البينية لتبلغ مستويات قياسية رغم تداعيات جائحة كوفيد-19، وارتفاع حجم التبادل التجاري بشكل مطرد عاماً بعد الآخر، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين المملكتين الشقيقتين بنسبة 19 % من 2.88 مليار دولار أمريكي في عام 2020 إلى 3.43 مليار دولار أمريكي في عام 2021.


كما سجل حجم التبادل التجاري بين المملكتين خلال النصف الأول من العام الجاري 1.903 مليار دولار بنسبة نمو بلغت 21.1 % مقارنة مع 2021. ولا تزال المملكة العربية السعودية الشريك التجاري والاقتصادي الأول للبحرين، وتأتي مملكة البحرين في المرتبة الثانية من بين دول مجلس التعاون في حجم التبادل التجاري مع المملكة العربية السعودية والشريك 12 من بين دول العالم، حيث تمثل الصادرات البحرينية إلى السعودية ما نسبته 60 % من إجمالي الصادرات الوطنية. 
وعن أهم الصادرات والواردات بين البلدين، تعتبر المركبات وقطع الغيار أهم صادرات السعودية إلى البحرين والتي تبلغ أكثر من 230 مليون دينار. ومن ناحية الواردات السعودية من البحرين، تعد مواد البناء الأكثر بما يتجاوز 310 ملايين دينار. 
وبفضل ما تتمتع به مملكة البحرين من سياسات اقتصادية تقوم على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن تشريعات تحمي المستثمرين والاستثمارات، استطاعت أن تستقطب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها، وأصبحت تستحوذ على النصيب الأوفر من السوق الاستثمارية البحرينية، وتبلغ الاستثمارات المباشرة 9.96 مليارات دولار تعادل 30 % من رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البحرين بنهاية سبتمبر 2021، فيما يبلغ عدد الشركات السعودية أكثر من 896 شركة مساهمة في مملكة البحرين تعمل في مجالات السفر والشحن والتجارة والهندسة، وغيرها من المجالات.
ويعد حقل أبو سعفة أحد أبرز ملامح التوأمة الاقتصادية بين البلدين الشقيقين، والذي تم اكتشافه في العام 1963 وينتج 300 ألف برميل يوميا، يتم توزيعها مناصفة بين البحرين والسعودية بمعدل 150 ألف برميل يوميا لكل جانب. هذا الحقل له الفضل في إنعاش ميزانية الدولة لعقود طويلة، والذي وصلت إيراداته إلى 1.3 مليار دينار في العام الماضي 2021 بزيادة نسبتها 82 % مقارنة بمعدلات العام 2020، وذلك بفضل إنتاج أكثر من 54.5 مليون برميل خلال العام الماضي. 
ولا تزال آفاق التعاون النفطي بين الجارين العزيزين مفتوحة على مصراعيها، مع تدشين خط أنابيب نفطي جديد بالتعاون بين شركتي “أرامكو” و”بابكو” بطول يبلغ 110 كلم ويربط بين معامل بقيق السعودية ومصفاة بابكو، والذي يعد بمزيد من الإيرادات النفطية لكلا البلدين، ويكون له انعكاس إيجابي على تحقيق وفورات مالية في المستقبل المنظور. 
جسر الملك فهد يشكل بحد ذاته أروع قصص التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، فمنذ نشأته الأولى قبل أكثر من 36 عاماً استطاع أن يستقبل ما يزيد عن 173 مليون مركبة، وأكثر من 374 مليون مسافر، وما يفوق 8 ملايين شاحنة لغايات التجارة، ليشكل غالبية السياحة الواردة إلى البحرين من السعودية، ولا يزال الأشقاء السعوديون يمثلون ما نسبته 89 % من السياحة الواردة إلى المملكة. 
الشقيقة الكبرى ضربت أروع الأمثلة بتكاملها الاقتصادي مع شقيقتها الصغرى في كافة قطاعات التنمية والتطوير والنهضة الشاملة، فالبحرين في نعمة كبيرة بمجاورتها لأكبر اقتصاد في العالم العربي وضمن أقوى 20 اقتصادا في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي بـ 833.5 مليار دولار، وأكبر مصدّر نفط في العالم وثالث منتجي العالم وأكبر منتجي منظمة أوبك بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 11 مليون برميل يوميا، وثامن أكبر دولة مالكة للأصول الاحتياطية الاجنبية بـ 467 مليار دولار، وامتلاكها لأكبر سوق مالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتاسع عالميا بقيمة سوقية 2.62 تريليون دولار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .