العدد 5032
الإثنين 25 يوليو 2022
banner
“نوير” والسائق
الإثنين 25 يوليو 2022

من المواقف التي أثارت تفاعلاً معها، غضب أحد سائقي الأجرة في ألمانيا من مانويل نوير حارس مرمى فريق بايرن ميونخ الألماني الشهير، والذي يعد أحد أفضل حراس المرمى في العالم ويحظى بشعبية جارفة ومعروف عنه التواضع وحسن التعامل مع الجمهور، لكنه لم يسلم من انتقاد السائق الذي قام بإعادة محفظة حارس المرمى التي نسيها في السيارة، وكانت تحتوي على 800 يورو وبطاقات الائتمان وبطاقة الهوية، رغم أن نوير أرسل للسائق قميصًا بتوقيعه كتقدير لما قام به.
يبدو أن القميص لم يكن كافيًا للسائق الذي عبر عن إحباطه قائلا: “هذا استهزاء، لدي 4 أطفال، لا يمكنني فعل أي شيء بالقميص، لقد دفعت 400 يورو لقيادة السيارة وإعادة المحفظة”. طبيعي أن يتعاطف الكثيرون مع السائق، على اعتبار أن الحارس من ذوي الأجور العالية جدًا (يصل إلى 18 مليون يورو سنويا)، ويعيش حياة رغدة، لكنه لم يقدر السائق التقدير المناسب لما فعله وتحمله من مشقة “وفقًا لهؤلاء”، لكن برأيي أن هذا التعاطف في غير محله، لجملة من الأسباب، أهمها أن ما فعله السائق من إعادة المحفظة لصاحبها أمانة لا يجب على مؤديها وفاعلها أن ينتظر مقابلا لها.
“نوير” قام بتوجيه الشكر إلى السائق بطريقة مناسبة لما يحظى به من شهرة ومتابعة واسعة تجعل من الحصول على قميصه حلمًا وأملا للكثيرين، ولم يكن من اللائق أبدًا أن يلمح السائق إلى ظروفه الأسرية ليبدو كأنه “يتسول” من أمانته وتصرفه “الشهم”، وربما يكون قد قام بذلك رغبة في الحصول على المزيد من المال من خلال استعطاف الجمهور أو استفزاز الحارس.
مثل هذه الحادثة تعكس جانبًا من أسوأ جوانب مواقع التواصل الاجتماعي، من حيث إمكانية توجيه الجمهور لوجهة معينة “منحازة” اعتمادًا على عدم معرفتهم التفاصيل ولا الجوانب المختلفة للقضية، وعدم الإلمام بمواقف وآراء الأطراف المعنية، خصوصا أن ظروف ومكانة بعض الأطراف قد لا تسمح لهم بالرد أو الظهور من الأساس في مثل هذه المواقع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية