+A
A-

"خاطرة عابرة" لِهبة بوجليع... صور وتعابير تنبض بالحياة


صدر حديثاً عن دار "أوستن ماكولي للنشر" كتاباً للكاتبة البحرينية هبة بوجليع" بعنوان: "خاطرة عابرة... كلمات من القلب للقلب". يقع الكتاب في 155 صفحة من الحجم الصغير وهو عبارة عن مجموعة خواطر سجلتها في فترات معينة من الزمن، وتم تدشين الكتاب قبل أيام بمركز كانو الثقافي.
انتهيتُ من قراءة الكتاب في حوالي ساعة ونص الساعة، واكتشفت أن المكتوب ليس مجرد خواطر عابرة بالمعنى المفهوم للكلمة، وإنما إحساس بالحقيقة وحياة متدفقة بالأمل والحكم، وصور وتعابير تنبض بالحياة وتدب فيها الحركة ويصل الموقف إلى الذروة. كل هذه العناصر تستثير حالة من الفكر استثارة العلة للمعلول، فإذا نحن أمام تساوق مباشر رائع بين حالين أو أثرين... داخلي وخارجي. هنا تكمن قوة هبة بوجليع.
إنها خواطر كما يعتقد البعض عادية جداً، ولكن المعاني التي حملتها تنضج بالقوة والروعة... تقول في الخاطرة رقم 91:
" ما بين صبح ومساء... ما بين نور وظلام... ما بين الحقيقة والخيال... ما بين الصدق والكذب... ما بين الأمل واليأس... ما بين الفرح والحزن... ما بين كل ذلك خيط رفيع، بين أن تعيش بسعادة أو تعيش في قمة التعاسة... كلها خيارات واختبارات... راجع نفسك وتأكد من إجاباتك".
هنا تأخذنا الكاتبة إلى اكتشاف المجهول في الإنسان، واكتشاف حقيقة العمل الخلاق، داعية الإنسان الذي يهدم والذي يبني على السواء، إلى إعادة النظر فيما يهدم وفيما يبني دونما توهُّم، مُوقظةً في الجهد عين الوعي المخدر، ومحرِّضة في الوعي طاقات الخصب الهاجع.

الخاطرة رقم 105 تقول فيها:
"اجعل من ذاتك تلك القلعة الصامدة والشامخة لمواجهة معتركات الحياة، واعلم أنك متى ما بنيت ذاتك على أساس متين سوف تسعد بحياتك بكل حين... استشعر القوة التي حباك الله إياها... فلم يبتلِكَ إلا لأنه عالم بقوة ذاتك على مواجهة ذلك الابتلاء... اِمتنَّ واحمد الله في كل وقت".
في هذه الخاطرة تقدم لنا الكاتبة الطريق إلى النجاة وألوان السعادة بنظرة موضوعية سليمة، ومثلما يكون الموت هو الطائر الذي يحلق فوق الناس، هناك أيضاً قوة الإيمان الذي يشبه النسر الذي لا يرهقه الصعود إلى الأعلى.
أخيراً أقول... لو واصلت الكاتبة هبة بوجليع السير على هذا الطريق، ووسَّعت تجربتها عبر القراءات الكثيرة، لأضافت إلى رصيدها النثري وخصوصاً أنها تستخدم ببراعة عناصر الحوار والقصة في خواطرها.