العدد 4998
الثلاثاء 21 يونيو 2022
banner
ضعوا الخير في أهله
الثلاثاء 21 يونيو 2022

شاب أعرفه كان يحرص دوماً على خدمة الآخرين، ووصلهم، ومنحهم وقته، خصوصاً أيام الدراسة بالجامعة، والتي كان أثناءها متزوجاً ولديه طفلتان، ويعمل في جهة حكومية.


ويقول إنه لم يتأخر أبداً في منح وقته لمساعدة زملائه في المذاكرة، وبمقدمتها أيام الامتحانات، سواء في مكتبة الجامعة أو حتى في منازلهم، بدون أي مقابل يذكر لذلك، إلا مرضاة الله ومد يد العون للآخرين.


بعد التخرج، بدأ هؤلاء الزملاء يكشفون وجوههم الحقيقية معه، بالتجاهل، وعدم السؤال، والتلكؤ في الرد على الاتصالات، وقال إن منهم من كان يتململ بالحديث معه، أثناء لقائه بشكل عابر، سواء في مجمع تجاري، أو بمسجد، أو أي مكان آخر، وذكر أيضا أنه في ليلة من الليالي، جلس وحده يفكر بعمق، معيداً قراءة حساباته كلها، كي يعرف أين موضع الخلل؟ وما المشكلة؟ ولماذا يحدث له هذا كله؟


وبالرغم من أنه كان محبا وصادقاً لهم، وأنه لم يتأخر في مساعدتهم، في الوقت الذي رفض به الآخرون فعل ذلك، وأنه كان وفيا ومخلصا وأمينا في تقديم الخير، كل الخير.. بعد لحظات من التفكير، توصل إلى الحل، وعرف أن المشكلة فيه هو، وليست فيهم، ولأنه ببساطة “لم يضع الخير في أهله” لمن استقطع وقت طفلتيه، وزوجته، ومنحه إياهم، حينها تذكر وقلبه يتقطع على بناته الصغار، وهن يلحقن به حتى باب الشقة ويطلبن منه عدم المغادرة، وكان يقول لهن “لن أتأخر”، لكنه كان يفعل ذلك دائماً، وكان يعود ليلا وهن نيام.


خلاصة القول، إن العائلة تظل دوماً الرقم واحد في الحياة، والزوجة والأطفال هم من يستحقون وقتنا واهتمامنا ورعايتنا، وعلى حساب الآخرين، ولأنه ومهما حدث من خلافات مع أي منهم، لن يندم الأب قط على أية لحظة قدمها لهم، حتى في أوج الخلافات، وأخيرا وليس آخرا “ضعوا الخير في أهله”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية