+A
A-

ليلى الليث لـ“البلاد”: أختي زينب “ولدتني” مرة أخرى في هذه الدنيا

رحلة‭ ‬الآهات‭ ‬والأوجاع‭ ‬استمرت‭ ‬طوال‭ ‬20‭ ‬عاماً

أعيش‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬شقيقتي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬من‭ ‬دونه‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬دونها

فقدت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬كليتي‭ ‬الوحيدة‭ ‬بسبب‭ ‬أشعة‭ ‬أجريتها‭ ‬بالسلمانية

5‭ ‬أعوام‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬عمري‭ ‬بعد‭ ‬ولادتي‭ ‬الثانية

 

“كنت دائماً أردد أنني لا أستطيع أن أعيش دون أختي زينب لشدة تعلقي بها فهي الأقرب لي، ولم أتوقع أنني سأعيش ذلك على أرض الواقع، نعم، أنا لم أكن سأعيش لهذا اليوم لولا كلية أختي زينب التي تعيش بداخلي وأعيش أنا بها” بهذه العبارات بدأت ليلى الليث حديثها لـ “البلاد” حول قصتها مع مرض متلازمة الكلى ورحلة الأمل بعد ألم عاشته طوال سنوات عمرها.
في عمر العامين شخصت ليلى بإصابتها بمتلازمة الكلوية، لم تعش ليلى حياة طبيعية قبل تشخيصها وبعده كبقية الأطفال، كانت تلازمها الأدوية، الضعف والتعب والإنهاك الجسدي رفيق لها، بات المستشفى جزءا من حياتها، ومن شدة الآلام والمعاناة التي رافقتها سنين عمرها قررت ليلى مريضة الكلى أن تصبح طبيبة تخلص الناس من أوجاعهم التي تعرف معناها جيدا وتدرك حقيقة أن يكون الإنسان عليلاً.
أكملت دراستها الثانوية وانطلقت إلى الصين لم تنسَ حقيبة أدويتها التي لم تكن تغادرها بل ورافقتها في رحلة تحقيق الحلم بأن تعود طبيبة، وعلى مشارف انتهاء سنتها الدراسية الأولى في الطب استحكم المرض في جسدها وبات تصريف السموم عصيّاً على كليتها المريضة قاومت كثيراً إلا أن رحلة العودة للوطن لابد منها والأقسى من المرض هو أن تترك حلماً طالما روادها.
فشل كلوي هو تشخيص حالتها، غسيل دموي 3 مرات في الأسبوع علاجها، 12 ساعة أسبوعياً على السرير الأبيض بين الآهات وأوجاع مصيرها، رغم هذا كله أصرت أن تحقق حلمها أو جزءاً منه هذه المرة بأن تخفف أوجاع المرضى، فالتحقت ليلى بكلية العلوم الصحية لتدرس التمريض، تنهي يومها الدراسي ثم تستلقي على السرير الأبيض للغسيل وهكذا استمرت طوال عام 2017 حتى ساءت حالتها ولم يعد جسدها الضعيف يتحمل الغسيل ترافقها أختها زينب طوال هذه الساعات لتشهد على حجم معاناة أختها وغيرها من مرضى الكلى من مختلف الأعمار.
وكان خيار زراعة الكلى هو المتاح لإنقاذ حياتها، وبعد فحوصات أجراها بعض أفراد أسرتها، أكدت النتائج تطابق شقيقتها زينب وقدرتها على التبرع لها، لم يكن شيئاً مفرحاً بقدر ما كان مصدراً للقلق بالنسبة لليلى.
تقول ليلى “كنت أخشى على حياة أختي، وحزينة في ذات الوقت لأني سأتسبب لها بالألم الذي أعرف معناه الحقيقي، كما لم أكن مطمئنة من أن جسدي بعد هذه العمر سيقبل كلية، رغم تأكيدات الأطباء إلا أن هذا الإحساس لم يكن سهلاً عليّ بأن أعرّض حياة أختي للخطر”.
“وبعد انتظار طال لنصف عام من بعد نتائج المطابقة وبعد تأجيل العملية لأكثر من مرة وانتظار مرَّ لقدوم الأطباء من خارج البحرين لإجراء العملية، قررت وأسرتي أن نجري العملية في دولة الكويت وتحديداً في مركز حامد العيسى لزراعة الأعضاء”. 
“في يناير 2018 عدت للحياة من جديد، وولدتني أختي مرة أخرى في هذه الدنيا، استطعت أن أتعافي من بعد عملية الزراعة بعد 4 أشهر تقريباً لأعود للوطن بأمل وحياة وصحة وأعيش بجزء من شقيقتي التي لا أستطيع أن أعيش من دونه ولا من دونها”. 
“أكملت دراستي وحققت حلمي بأن أكون ممرضة وأنا اليوم على رأس عملي أهتم بالمرضى وأخفف معاناتهم قدر ما أستطيع، خمسة أعوام فقط هو عمري بعد ولادتي الثانية فيها عشت الكثير.
ولأني أعيش بجزء مزروع أستطيع أن أعبر عن كثير من مثل حالتي، نحن نعاني الكثير من عدم وجود مركز متخصص لزراعة الأعضاء في البحرين، لا نستطيع الذهاب للمراكز الصحية حتى لأبسط الحالات كارتفاع درجة الحرارة مثلاً، نجبر رغم مناعتنا الأقل من الأصحاء أن نتوجه لقسم الطوارئ في مجمع السلمانية الطبي غير المجهز لمثل حالاتنا، لا يستطيع الأطباء هناك علاجنا، وننتظر ساعات طويلة بانتظار الطبيب المختص، وعن كل من هم مثل حالتي نتمنى أن يكون هناك مركز لزراعة الأعضاء لتلقي العلاج والمراجعة والمتابعة.
فأنا مثلاً تعرضت لجلطة في الرئة وتوجهت للسلمانية وهناك أجريت أشعة بالصبغة التي ليس من الفروض أن تستخدم لمن هم في مثل حالتي من زارعي الأعضاء، ولهذا الإجراء فقدت جزءاً من كليتي الوحيدة التي أعيش بها، وهذا حال الكثير مما يتعرضون للخطر من زارعي الأعضاء في البحرين.