+A
A-

مدير زراعة الرئة بمستشفى فيصل التخصصي لـ“البلاد”: حملة “حياة جديدة” تستقيم مع النهج القرآني “ومَنْ أحياها فكأنَّما أحيا الناس جميعًا”

الكلى‭ ‬والكبد‭ ‬والرئتان‭ ‬والقلب‭ ‬والبنكرياس‭ ‬والأمعاء‭ ‬أكثر‭ ‬الأعضاء‭ ‬طلبًا‭ ‬في‭ ‬الخليج

لسنا‭ ‬أقل‭ ‬تديّنًا‭ ‬وحبًّا‭ ‬للغير‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬المتفوقين‭ ‬علينا‭ ‬عشرات‭ ‬الأضعاف‭ ‬في‭ ‬الزراعة

ما‭ ‬ينقص‭ ‬العرب‭ ‬هو‭ ‬الوعي‭ ‬لبدء‭ ‬برامج‭ ‬قوية‭ ‬للتبرع‭ ‬بالأعضاء‭ ‬أسوة‭ ‬بأوروبا‭ ‬وأميركا

 

أكد مدير برنامج زراعة الرئة بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض استشاري جراحة الصدر وزراعة الرئة بكلية الطب في جامعة عين شمس واستشاري زراعة الرئة بجامعة مونتريال بكندا محمد حسين أن 20 % ممن يحتاجون زراعة رئة يموتون سنويًّا بسبب عدم وفرتها. وأوضح حسين في حوار أجرته معه “البلاد” أن التبرع بالأعضاء عمل سامٍ ومن الأهمية التعمق بذلك والقراءة فيه طبيًّا ودينيًّا وشرعيًّا وقانونيًّا، والتفكير بآلام الآخرين. وأشار إلى أن “التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لن يضر بشيء، هو أفضل صدقة جارية”. ويعتبر حسين من شركاء حملة صحيفة “البلاد” لتشجيع المجتمع للتبرع بالأعضاء (حياة جديدة)، التي أطلقتها الصحيفة اعتبارًا من يوم الأحد 12 يونيو 2022 بمشاركة جهات رسمية وخاصة وأهلية ومندوبين عن المجتمع المدني. وفيما يأتي نص اللقاء:
حملة مباركة
كيف تنظر لحملة صحيفة “البلاد” البحرينية لتشجيع المجتمع للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة؟
- حملة “حياة جديدة” لتشجيع المجتمع للتبرع بالأعضاء بعد وفاة، حملة مباركة ومشكورة، وكما قال الله عز وجل في كتابه الحكيم “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا” فالتبرع بالأعضاء عمل سامٍ، والتشجيع عليه أمر مشكور ومقدر.
 

أمر ممكن
هل ترى أن إقناع المجتمعات العربية بثقافة التبرع بنطاق الممكن؟ كيف؟

- إقناع المجتمعات العربية بثقافة التبرع بالأعضاء أمر ممكن جدًّا، فهي مجتمعات متميزة بالشهامة والكرم والتدين، وعليه فإن التبرع بالأعضاء سواء أثناء الحياة أو بعد الوفاة لإنقاذ حياة الآخرين أمر رائع وقائم.
دينيًّا منذ العام 1981 تمت الموافقة من قبل هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وتوالت الموافقات من معظم الهيئات الدينية بالعالمين الإسلامي والعربي، ومن ضمنها الأزهر الشريف بمصر على التبرع بالأعضاء.
إن إقناع المجتمعات العربية بذلك ممكن، ولدينا مثال حي، وهو التبرع بالأعضاء من أشخاص أحياء، ففي مستشفى الملك فيصل التخصصي يتم التبرع من الأقارب لزراعة الكلى والكبد، وفي العام الواحد أكثر من 400 حالة زراعة تتم، من أب لأبنه، أو العكس، أو أخ لأخيه وهكذا.
وعليه، فالبرنامج ناجح، وحديثي هنا عن مستشفى واحد فقط، فلك أن تقيس الأمر على عشرات المستشفيات الأخرى، والتي تعمل هذه العمليات من أحياء، فالعدد كبير، ولدى الناس الرغبة والقدرة على العطاء، وهو أمر قابل للتطبيق في مرحلة ما بعد الوفاة.

ثقافة التبرع
ما الصعوبات التي تعثر إشاعة ثقافة التبرع لدى الناس؟ وبِمَ تنصح؟

- أهمها عدم معرفة الناس بآلية التبرع، وعدم الوعي بأهمية التبرع لدى البعض من الناس، والخوف من نظرة الأقارب في بعض الحالات، ولقد رأيتها بنفسي، فقد يرغب الوالدان في أن يتبرعوا بأعضاء ابنهم الذي توفي لكنهم خائفون من رد فعل الجد أو الجدة (من الجهتين).
ولذا، فإن نشر الوعي والثقافة بمنتهى الأهمية، والدور الكبير هو لثلاثة جهات، أولها المدارس، بالإشارة لحاجة آلاف المرضى للأعضاء والظروف المرضية الصعبة التي يمرون بها.
والثانية ترتبط بالدور الملقى على رجال الدين، والذين لهم تأثير وصوت مؤثر في الناس، خصوصًا مع وجود الفتاوى التي تسمح بالتبرع بالأعضاء، ولقد سمعتها من أحد الشيوخ الأفاضل بأنها أفضل صدقة جارية من قبل المتوفى.
الثالثة وتتعلق بالإعلام، ودوره في نشر ثقافة التبرع، سواء المسموع المرئي أو المطبوع، وعمل لقاءات مع الأطباء والمرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء، لنشر هذه الثقافة، وتوضيح مدى حاجتهم لها، ومقدرة الأطباء على أدائها بشكل آمن وناجح.

لن يضر
من واقع تجربتك المهنية والطبية، بماذا تنصح الناس فيما يتعلق بذلك؟

- أنصح الناس من وجهة نظر إنسانية ودينية وأخلاقية بالتعمق في موضوع التبرع بالأعضاء والقراءة فيه طبيًّا ودينيًّا وشرعيًّا وقانونيًّا، لكي يقرر الفرد إذا ما كان يريد أن يسجل للتبرع بالأعضاء من عدمه.
وأنصح أيضًا بالتفكير في الآلام الآخرين، وأن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لن يضر بشيء، وثانيًّا بأنه أفضل صدقة جارية كما أسلفت، وسمعتها من العديد من شيوخنا الأفاضل، ولنفع الآلاف البشر ممن يعانون من فشل بوظائف الجسد، وما أدراكم ما مدى هذه المعاناة؟

اتفاقية تعاون
هنالك اتفاقيات تعاون متعددة بهذا الشأن ما بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، فإلى أين وصلت أواصر التعاون بهذا الشأن وما أهم ملامحه؟

- هنالك اتفاقية تعاون ما بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج في مجالات التبرع بالأعضاء وزراعتها، وتم على إثرها زراعة مئات الأعضاء، ما بين قلب أو كلى أو كبد أو رئة.
كما تم المشاركة في التبرع بالأعضاء ما بين الدول، وهو ليس بغريب على التعاون الأخوي بين الدول الشقيقة.
 هل لديكم مرضى بحرينيون؟ 
وهل هنالك إحصاءات تحدد أعدادهم؟
- بالفعل لدينا مرضى بحرينيون، وبمستشفى الملك فيصل التخصصي، وتم إجراء العديد من العمليات لهم ومن مختلف الأعضاء. وبالنسبة لزراعة الرئة، فقد تمت زراعة 4 رئات، منها رئتان لمريضين في العام 2022، وتمت ولله الحمد بنجاح تام.

الكلى ثم الكبد
من وجهة نظرك، ما أهم الأعضاء التي يحتاجها مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي بالغالب؟

- سؤال مهم، يفتح الباب للقراء الأفاضل بمدى أهمية التبرع بالأعضاء من كل متوفى حديثًا، وهذه الأعضاء ووفقًا لترتيب الحاجة لها بمجلس التعاون الخليجي، فهي: الكلى أولًا، ثم الكبد، ثم الرئتان، ثم القلب، ثم البنكرياس، ثم الأمعاء، كما أن زراعة القرنية من الحالات المنتشرة جدًّا.
إن متوفىً حديثًا واحدًا يستطيع بأعضائه إنقاذ حياة 9 مرضى من فشل الأجهزة المختلفة.

إحصاءات 
ما إحصاءات الوفيات (بشكل تقريبي) بسبب عدم وجود الأعضاء اللازمة لإنقاذ حياتهم؟

- سؤال مهم، وسوف أجيب عنه وفقًا لتخصصي بصفتي مديرًا لبرنامج زراعة الرئة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، فعلى قائمة الانتظار بالنسبة لزراعة الرئة، يتوفى 20 % على القائمة سنويًّا نظرًا لعدم توافر الأعضاء المناسبة في الوقت المناسب للزراعة.
فهل هذه كل الوفيات؟ لا طبعًا، لأن هنالك مرضى لم تتم إضافتهم لقائمة الانتظار، بسبب وفاتهم، سواء أثناء الفحوصات، أو أثناء عرض الحالة على المراكز المتخصصة، أو حتى ما قبل إحالة إلى المراكز المتخصصة من قبل

الطبيب المتخصص.
ولذلك يجب علينا، كلٌّ في مجاله، التشجيع على هذا العمل النبيل، وعلى التبرع بالأعضاء ما بعد الوفاة.

رسالتي للمجتمعات
كونك طبيبًا، كيف تقرأ يوميات المرضى بهذا الأمر؟ ما رسالتك الإنسانية للمجتمعات؟
- نرى المرضى بشكل يومي، ما قبل الزراعة وما بعدها، ويكفي القول إن مريض زراعة الرئة، أو فشل الجهاز التنفسي، لا تكون عنده القدرة على التحرك لخطوات عدة من دون استخدام جهاز الأوكسجين.
وفي بعض الأحيان وحتى مع استخدام الجهاز لا يستطيع المريض التحرك ولو لخطوات، نظرًا لقصور التنفس، والأمر نفسه بالنسبة لمريض القلب والكلى والذي يحتاج لغسيل كلوي 3 مرات، مع تحمل مشقة الجلوس على الجهاز، واحتمالات نقل الأمراض المعدية، والتعب، والمشقة التي يسببها الغسيل الكلوي.
ومريض الكبد، الذي يعاني من مشكلات صحية عديدة، كزيادة سيولة الدم، وامتلاء الجسم بالسوائل، وعدم القدرة على بذل أي مجهود، وكذلك بالنسبة لمرضى فشل الأمعاء، الذين لا يستطيعون الأكل بشكل طبيعي، والمرضى الذين يحتاجون لزراعة قرنية حتى يروا العالم. ورسالتي للمجتمعات العربية والإسلامية هو أننا لسنا بأقل من المجتمعات الغربية التي تبلغ نسبة التبرع فيها أرقامًا عالية، وهي عشرات الأضعاف بالنسبة للأرقام الموجودة في العالم العربي، ونحن لسنا أقل منهم خُلُقًا أو علمًا أو تديّنًا أو حبًّا للغير، كل ما ينقصنا هو الوعي لبدء برامج قوية للتبرع بالأعضاء، كما هو بالنسبة للدول الأوروبية وأميركا وغيرها.