العدد 4987
الجمعة 10 يونيو 2022
banner
شركات من دون خطط مدروسة
الجمعة 10 يونيو 2022

وفق قانون الشركات، يتم إنشاء كل شركة لتحقيق عدة أهداف من ضمنها الربح الذي يأتي بعض وضع الخطط والبرامج التي تفيد المجتمع كما تفيد أصحاب الشركة. ولكن، بعض الشركات تبحث عن الربح السريع حتى وإذا كانت فرص وبرامج العمل تكتنفها الضبابية وعدم توفر الرؤية الكاملة. وفي هذا الإطار، تقوم هذه الشركات وملاكها بإغراء العديد من الشباب للعمل معهم وتقديم الوعود لهم بالمستقبل الباهر والمضمون. لكن في نفس الوقت، نجد نفس هذ الشركات، خالية الوفاض وعديمة الخطط المستقبلية الواضحة وتنقصها الرؤية الاستيراتيجية المدروسة. 
وقد يحالف هذه الشركات بعض الحظ لبعض الوقت ويخطفون الأرباح العالية والتدفقات المالية الكثيرة، ولكن هذا مرده الحظ فقط لا غير. وفي نفس الوقت، وفجأة ومن دون مقدمات قد تنهار هذه الشركات وتتعرض للنكسات والخسائر وتفقد كل شيء. تفقد المال وتفقد البريق اللامع وتفقد العمل والأعمال وتجد نفسها “ساقطة” في العراء لا تجد من يدثرها ويزملها.
وبكل أسف، هذا ما حدث أخيرا لشركات العملات الرقمية (الكربتوكرنسي) ومن سار في سيرهم. في الكثير من الحالات، تم إنشاء هذه الشركات في غمرة المغامرات الرقمية ومن دون التفكير والتأني؛ لأنها آتت أرباحا سريعة وأرباح كبيرة للبعض. وهكذا في فترة قليلة استشرى خبر الأرباح السريعة وانتشر كالنار في الهشيم الجاف. 
وخبر هذه الشركات وخبر أرباحها وأرباح ملاكها ملأ كل أطراف الدنيا، وكل مغامر شمر عن ساعديه وركض خلف هذه الأرباح. وتم إنشاء الشركات لتعمل في هذا المجال الرقمي الجديد الحديث، وكأنه أتى ليشبع نهم العالم الجائع والمتعطش للربح السريع. أصبح الأمر “موضة” خاصة للشباب.
وفجأة هوى بنيان هذه الشركات الرقمية وتفتت صرحها وانكسر عودها، وبين ليلة وضحاها انقلبت الأرباح للخسائر التي قضت على الأخصر واليابس ولم تترك شيئا. وهنا يدور سؤال مهم، من هو المسؤول عن هذا الوضع الوخيم الغريب في العمل المؤسسي. من دون شك، يتحمل المسؤولية من أسس هذه الشركات وكان هدفه الوحيد البحث عن الأرباح السريعة. فقط هدفه الربح، ومن دون أن يدري إلى أين سيكون الاتجاه، بل ليس في إمكانه أن يعرف، لأن هذا ليس الهدف. 
وبسبب هذه الأطماع أصبح العمال “كبش فداء”؛ لأنهم وببساطة، بين ليلة وضحاها تم تسريحهم عن العمل وفقدوا رواتبهم وفقدوا كل شيء، وهذا بالطبع، على عكس ما عليه الوضع في تلك الشركات التي يفكر أصحابها في مشاريع وأعمال مدروسة ومبرمجة وثابتة الأهداف. ومثل هذه الشركات المدروسة الأهداف ذات الخطط الواضحة، في الغالب الأعم تكون مستقرة ومن النادر أن تتعرض لهزات فجائية تهدم حياتها بالسكتة القلبية. وهذا الوضع المدروس، في الغالب، يحقق الاستقرار للشركة ولأصحابها وللعاملين فيها ولكل المجتمع.
إنشاء شركات “الكريبتوكرنسي” بمختلف مسمياتها وأشكالها، أصبح كالفقاعة الكبيرة الجميلة خالية الوفاض. ولقد تسارع الكثيرون بالركض خلف هذه الفقاعة بالرغم من أن هذا المجال تحفه المخاطر من كل الاتجاهات، ويعمل بعيدا عن المراقبة اللصيقة وليس له ما يسنده ضمن الاطار العام في الاقتصاد الكلي للدولة، اضافة لوجود أسباب أخرى عديدة. وهذه الشركات وملاكها، قاموا بتوظيف العشرات ووعدوهم بالكثير من الآمال والأحلام الوردية، في حين أنهم هم أنفسهم لا يدرون إلى أين يسير بهم المستقبل. وهكذا، أخذوا جريرة هؤلاء البسطاء ممن يبحثون عن لقمة العيش الشريف لهم ولأسرهم. من دون شك، هذه الشركات وملاكها اقترفوا عملا خطيرا وتصرفوا من دون حنكة أو حكمة، وجازفوا باقتحام هذا العمل للبحث عن الأرباح السريعة. وللحسرة هناك الكثير من الضحايا ممن تعرضوا للخسران المبين من دون أن يكون لهم يد أو رأي. فأين المفر؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية