العدد 4957
الأربعاء 11 مايو 2022
banner
الصين والمحيط الهادئ.. معركة قائمة وقادمة
الأربعاء 11 مايو 2022

وكأن عالمنا المعاصر بحاجة إلى المزيد من المعارك الملتهبة، حتى تطفو على السطح مجريات ما يحدث في المحيط الهادئ، هناك حيث المنافسة القطبية العالمية على أشدها، لا سيما بين الولايات المتحدة الأميركية، القطب الذي يجاهد للاحتفاظ بتفرده بزعامة العالم، وبين الصين الماضية قدما في الآفاق بحثا عن تأكيد زعامة تقول إنها لا تسعى إليها. 
يمتلئ المحيط الهادئ بالجزر، ومنها منطقة جزر سليمان التي تكاد تصل إلى ألف جزيرة، وقد وهبتها الجغرافيا منحة خاصة وهي قربها من قارة أستراليا. مؤخرا بدا أن هناك نزاعا كبيرا قابلا لمزيد من الاتساع حول دور تلك الجزر في الصراع القطبي الدائر حول العالم، إذ تم تسريب وثيقة تشير إلى أن الصين تسعى لإقامة قاعدة عسكرية على تلك الجزر، وبموافقة ومباركة من حكومة الأخيرة. 
لماذا كان الخبر مقلقا للأميركيين والبريطانيين والأستراليين على حد سواء؟ الشاهد أنه لا يمكن فهم أبعاد المشهد بدون الأخذ في الاعتبار عوامل الجغرافيا، والتاريخ حيث بصمة الإنسان على واقع الحياة. أما عن الجغرافيا، فقد أعطت أستراليا موقعا وموضعا قريبا جدا من الصين، جعل منها أنفع وأرفع نقطة انطلاق يمكن القفز منها إلى الصين، وبمعنى لوجستي أكثر تحديدا، الوصول إلى الصين وتهديدها. 
فيما التاريخ فقد جرى على هامشه مؤخرا، إحياء شكل من أشكال الأحلاف الجديدة، ما عرف بحلف أوكوس، وهو التحالف العسكري البريطاني الأميركي الأسترالي، والذي ظهر خلال الفترة التي أبطلت فيها صفقة غواصاتها النووية مع فرنسا، ومن ثم قامت باستبدالها بطائفة أخرى من غواصات فيرجينيا الأميركية المتقدمة، تلك التي تحمل أنواعا من الصواريخ النووية المتقدمة، القادرة على الوصول إلى قلب الحواضن الصينية وكبريات المدن من بكين إلى شنغهاي. 
أدركت الصين بالفعل أن ذلك الحلف يتهددها في الحال، ويجثم على صدرها كالكابوس في الاستقبال، ولأن الصينيين يعملون بهدوء فقد خلصوا إلى أن موطئ قدم على سطح جزر سليمان، يمكن أن يكون بداية لتهديد مضاد لأستراليا وحليفتها الكبرى أميركا، ما ينشئ نوعا من توازن الردع في مياه المحيط الهادئ.
هل الوضع هناك قابل للتطور ومن ثم المواجهة لتزداد مياه الهادئ اشتعالا، وهي التي ليست بعيدة بصورة أو بأخرى عن مياه بحر الصين الجنوبي، حيث فخ ثيوسيديديس يكاد يسيطر على العلاقات الصينية الأميركية ويقود إلى حرب عالمية في نهاية المشهد؟. 
الأميركيون يهددون رسميا بأنهم لن يسمحو لإدارة جزر سليمان بأن تضع أسلحة على الجزر، أو أن تكون نقطة تجمع للبحرية الصينية، غير أن علامة الاستفهام المثيرة: "ما الذي يمكن أن يفعله الغرب برمته حال توصلت بكين إلى اتفاق مع أهل الجزر يسمح لهم بذلك.. هل هي إذا الحرب التي يتوقعها المراقبون كسياق طبيعي ضمن تطورات المواجهة الأممية المرتقبة؟
لا يمكن الجواب بدون الرجوع لأبجديات الجغرافيا مرة جديدة، فالصين تمتد لمسافة ألفين وخمسمئة ميل في الداخل، وتشترك في الحدود مع أربعة بلدان، وبينما تواجه الصين محيطا على أحد الجانبين، ربما يكون من المفيد التفكير فيها باعتبارها جزيرة ضيقة بعض الشيء، تتعلق بحافة الباسيفكي، وتعزلها من الشمال والغرب والجنوب حواجز لا يمكن اختراقها. 
في هذا السياق يتوجب على العالم توقع خروج الصين إلى الهادئ سلما أو حربا.. فانظر ماذا ترى؟.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية