العدد 4950
الأربعاء 04 مايو 2022
banner
الأزمة الأوكرانية والحرب العالمية النووية
الأربعاء 04 مايو 2022

نجح العالم في ستينات القرن الماضي في تجنب حرب عالمية نووية كادت تنشب، لاسيما في ظل أزمة المواجهة السوفيتية الأميركية في كوبا عام 1962، وقد عبرت أربعة عقود من الحرب الباردة، استطاع فيها المعسكران الشرقي والغربي تحكيم العقل، ما جنب البشرية أهوال مواجهة لا تبقي ولا تذر.
ولعل السؤال الذي يتردد اليوم على الكثير من الألسنة ويشاغب العقول: "هل يمكن أن تسقط البشرية في فخ الحرب النووية جراء المواجهة الروسية - الأوكرانية؟ الجواب يستدعي في حقيقة الأمر النظر إلى المشهد الدولي حيث تبدو أعمال الحرب أوسع من هجوم موسكو وردات فعل كييف، وليس سرا البوح بأن حلف الناتو وبعد اللقاء الذي جرى في القاعدة العسكرية الألمانية "رامشتاين"، بات هو من يواجه روسيا. 
في ذلك اللقاء الذي ترأسه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وشارك فيه وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، بان جليا أن هناك إرادة من أربعين دولة حول العالم، كلهم يسبحون في فلك الأطلسي، لإلحاق الهزيمة بروسيا وقيصرها الجديد فلاديمير بوتين، غير أن القراءة المعمقة تقودنا إلى القطع بأن موسكو وحتى الساعة لم تعزف لحنها الأخير، وهذا ما قد تضطر لفعله، لاسيما إذا شعرت أن هناك أزمة حقيقية تخيم عليها، أو أن شبح الهزيمة يمكن أن يلحق بها.
المتابع لتصريحات فلاديمير بوتين ومن قبله وزير خارجيته سيرغي لافروف، يدرك تمام الإدراك أن التلويح بالورقة النووية قائم، ويخشى المرء كل الخشية أن يكون قادما. في حوار أخير مع أحد الخبراء العسكريين الروس البارزين، فلاديمير شوريغين، عن احتمالات الحرب النووية يقول الرجل: "المستقبل دائما عبارة عن مجموعة من الاحتمالات، وهناك احتمال أن يحتدم الصراع في أوكرانيا بسبب تدخل الولايات المتحدة غير المنضبط فيه.. هذا الصراع يمكن أن يصل إلى مواجهة نهائية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية في يونيو القادم".. ماذا يعني ذلك التصريح؟
من الواضح للغاية أن واشنطن فتحت أبواب مخازن السلاح على مصراعيها، والروس يدركون من الخسائر التي تلحق بهم أنها ليست أسلحة أوكرانية، بل غربية، أميركية أول الأمر، وأوروبية ثانيه.
على سبيل المثال، تبدو صواريخ ستينغر الأميركية المضادة للطائرات، استنساخا للتجربة الأميركية في أفغانستان خلال ثمانينات القرن الماضي والتي يسرت الانتصار على السوفييت.
هذه الصواريخ تجد طريقها مرة جديدة إلى أوكرانيا هذه الأيام، الأمر الذي دفع الروس إلى استخدام نوعيات جديدة من الصواريخ النوعية مثل كاليبر، والتي استخدمت بالفعل في قصف مخازن أسلحة أميركية وأوروبية جنوب غربي كييف، وهي تعادل صواريخ كروز الأميركية.
ولعل ما يفتح الباب واسعا للتعجب، هو أن دولة أوروبية كبرى مثل ألمانيا، عرفت معنى الحرب ومذلة الهزيمة، تسعى في طريق تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة بعد امتناع واضح منذ بدء الحرب في 24 فبراير المنصرم.
ما الذي يريده الغرب؟ سلاما أم حربا مع الروس؟
يخطئ الرئيس بايدن وبقية القيادات الأوروبية إذا اعتقدوا أن القيصر يمكن أن يقبل هزيمة مذلة، وهو من يريد أن ينهي حياته الرئاسية بتعزيز أوضاع روسيا حول العالم.
كما أن بقية المحاور الأممية الوليدة لاسيما المحور الصيني – الروسي – الهندي، ترفض انتصارا أميركيا أوروبيا ساحقا ماحقا مرة جديدة. 
البحث عن مخرج سلمي للأزمة عبر الحوار هو الحل.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .