+A
A-

المنظمات الحقوقية الأجنبية تتعامى عن انتقاد غير المسلمين

ُيحكى‭ ‬أن‭ ‬حسوداً‭ ‬مع‭ ‬صديقه‭ ‬كانا‭ ‬يتجولان،‭ ‬فوجد‭ ‬الحسوُد‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬الفانوس‭ ‬السحري،‭ ‬فحكه‭ ‬فخرج‭ ‬له‭ ‬المارد،‭ ‬فقال‭: ‬اطُلب‭ ‬ما‭ ‬شئت‭ ‬فسأعطيك،‭ ‬ولكن‭ ‬سأعطي‭ ‬صديقك‭ ‬ضعفه‭. ‬ففكر‭ ‬الحسود‭ ‬وقدر،‭ ‬وقتل‭ ‬كيف‭ ‬قدر‭! ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬لي‭ ‬قصر،‭ ‬وله‭ ‬قصران،‭ ‬أو‭ ‬لي‭ ‬صندوق‭ ‬ذهب،‭ ‬وله‭ ‬صندوقان‭!! ‬فقال‭ ‬للمارد‭: ‬افقأ‭ ‬إحدى‭ ‬عيني‭. ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬صديُقه‭ ‬كلتا‭ ‬عينيه‭.‬

هذه‭ ‬القصة‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬فكاهية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬ُذكروا‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬109‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭: (‬ود‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭ ‬لو‭ ‬يردونكم‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬إيمانكم‭ ‬كفا‭ ‬ار‭ ‬حسدا‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬أنفسهم‭)‬،‭ ‬نعم،‭ ‬فبدل‭ ‬أن‭ ‬يدخُلوا‭ ‬في‭ ‬الإيماِن،‭ ‬أرادوا‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬المؤمنون‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬الكفر،‭ ‬وهذا‭ ‬مايفعله‭ ‬الغرب‭ ‬حالياً،‭ ‬فهم‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭ ‬محافظة‭ ‬وملتزمة‭ ‬ومحتشمة،‭ ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬يسلُكوا‭ ‬مسلكها،‭ ‬أرادوا‭ ‬له‭ ‬الانحلال،‭ ‬ولكي‭ ‬ُيقنعوها‭ ‬بذلك‭ ‬بدأوا‭ ‬بأنفسهم‭ ‬فعروا‭ ‬نساءهم،‭ ‬وأفسدوا‭ ‬أخلاقهن،‭ ‬وشرعوا‭ ‬لهن‭ ‬المساكنة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لكي‭ ‬يكونوا‭ ‬نموذجاً‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والآن‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الانحطاط‭ ‬بتطبيع‭ ‬الشذوذ‭ ‬وتقنينه،‭ ‬بحجة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬تلك‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬ُيقال‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ (‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬أُريد‭ ‬بها‭ ‬باطل‭)‬،‭ ‬فبينما‭ ‬تُنتهك‭ ‬عندهم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بمنع‭ ‬رمز‭ ‬العفة‭ ‬والطهارة‭ (‬الحجاب‭)‬،‭ ‬وبغيرها‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬نرى‭ ‬تلك‭ ‬الحقوق‭ ‬هي‭ ‬الأولية‭ ‬القصوى‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬ونقد‭ ‬مسلماتهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬وعاداتهم،‭ ‬وللترويج‭ ‬للانحلال‭ ‬والانحطاط‭ ‬والُعري‭ ‬والتفسخ‭ ‬بدعم‭ ‬الشواذ‭ ‬ونصرتهم‭.‬

ونحن‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وغيرها‭ ‬ينتقدون‭ ‬غير‭ ‬المسلمين،‭ ‬فلا‭ ‬يرون‭ ‬مثلاً‭ ‬ما‭ ‬يفعل‭ ‬المتشددون‭ ‬اليهود‭ ‬من‭ ‬طائفة‭ (‬حريديم‭) ‬الذين‭ ‬يتمسكون‭ ‬بتعاليم‭ ‬اليهودية‭ ‬الأرثذوكسية‭ (‬الهالاخا‭)‬،‭ ‬ويرغمون‭ ‬نساءهم‭ ‬على‭ ‬ارتداء‭ ‬البرقع‭ ‬والنقاب،‭ ‬فالمنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬تُصاب‭ ‬بضعف‭ ‬النظر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالعمى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬التفتوا‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولا‭ ‬تُرد‭ ‬إليهم‭ ‬أبصارهم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬التفتوا‭ ‬إلى‭ ‬المسلمين‭. ‬لقد‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬قديماً‭:‬

وإنما‭ ‬الأمم‭ ‬الأخلاق‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ** ‬فإن‭ ‬هم‭ ‬ذهبت‭ ‬أخلاقهم‭ ‬ذهبوا

هل‭ ‬تصمد‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسلامية‭ ‬أمام‭ ‬هجمة‭ ‬التطبيع‭ ‬الشذوذي‭ ‬وتحمي‭ ‬دمار‭ ‬مجمتعاتها؟‭ ‬وهل‭ ‬سنرى‭ ‬وقفة‭ ‬عربية‭ ‬إسلامية‭ ‬أخلاقية‭ ‬مشرفة‭ ‬تصد‭ ‬هذه‭ ‬المحاولة‭ ‬القذرة‭ ‬لتدنيس‭ ‬أخلاقيات‭ ‬الأمة‭ ‬ومنع‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬وأد‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬والآداب‭ ‬والذوق‭ ‬العام؟؟

زياد‭ ‬علي‭ ‬عبدالغفار