+A
A-

"مدفع رمضان"... صورة تراثية وحكايات ومواقف طريفة

جميلة هي اللحظات الرمضانية التي تبقى في الذاكرة ولا تغادرها، ومن بين الصور الكثيرة الرائعة في هذا الشهر الفضيل، صورة وذكريات مدفع الإفطار. الكثير من المواطنين والمقيمين أحبوا هذه اللحظات وأصبحوا يحرصون على الحضور في مواقع مدفع الإفطار التي تصل إلى ذروتها مع العد: "واحد.. اثنين.. ثلاثة.. ارمِ".

في تلك اللحظات، ترى في سعادة الصغار والكبار ملامح مبهجة.. البعض ينتظر العد وهو يغلق آذانه فيما البعض الآخر في حالة تأهب لالتقاط صور أو مقطع فيديو للحظة الإطلاق.. هي عبوة صوتية لكنها مدوية جدًا ومع إطلاقها.. ينتشر الدخان الكثيف في المكان والناس المتجمهرون ينطلقون بسياراتهم إلى منازلهم فقد حان موعد الإفطار.

إذًا، مدفع الإفطار في البحرين موروث شعبي ما يزال صامدًا، فقد اعتاد البحرينيون على سماع 8 طلقات مع الإعلان عن رؤية هلال شهر رمضان الكريم، ويوميًا هناك طلقة وقت الإفطار وطلقة أخرى وقت الإمساك في ثلاثة مواقع منها قلعة عراد في محافظة المحرق، وقلعة الرفاع في المحافظة الجنوبية، وخليج البحرين في محافظة العاصمة، لكن دعونا أيها القراء الكرام ندون بعض المواقف التي ما تزال عالقة في أذهان الكثيرين، ومنها ما هو طريف ومضحك، ومنها ما هو بمثابة "المقلب"، وقد طلبنا من بعض الأصدقاء عبر رسائل "واتس أب" موافاتنا بما يتذكرونه من تلك المواقف.

ونبدأ بالمواطن السعودي بدر أحمد السريج الذي يتذكر موقفًا حدث معه قبل سنوات، لا يتذكر في أي عام بالضبط، لكن كان ذلك في منتصف التسعينات، ولأنه اعتاد زيارة الأهل والأقارب في شهر رمضان المبارك وهذا الأمر يتكرر كل إجازة نهاية أسبوع، فإنه يحرص على الذهاب مع الأهل أو الأصدقاء لموقع مدفع الإفطار في منطقة البرهامة، ولأنه عاش فترة طفولته في البحرين، فإنه أحب زيارة موقع المدفع في أيام متفرقة من الشهر الفضيل.

تغريسة في البرهامة

ماذا يتذكر بدر؟ يقول "اخترت مكانًا مناسبًا في الساحة المحيطة بالمدفع، وذلك لكي أكون في مقدمة الناس لمغادرة الموقع حتى لا أتعرض مع الأهل للتأخير بسبب الزحام الذي يحدث في وقت المغادرة بأعداد كبيرة من السيارات، وما إن ثارت الواردة.. أي تم إطلاق القنبلة الصوتية، حتى ركبنا السيارة بسرعة ونحن نضحك على أحد أقربائنا الذي كان يحضر للمشاهدة لأول مرة في حياته، حيث صرخ صرخة مدوية حال إطلاق المدفع، وبينما نحن كذلك ونحاول الإسراع حتى غرست إطارات السيارة في منطقة رملية، وأمضينا قرابة ساعة كاملة نحاول وضع الأخشاب والحجارة لإخراج السيارة وكانت كبيرة من نوع سوبربان، ولحسن الحظ أننا أحضرنا معنا بعض التمر والماء، ثم صلينا وعدنا إلى منزل أقربائنا وتناولنا الإفطار الذي فاتنا مع الجماعة، حيث لم يكن لدينا آنذاك هواتف نقالة لنعتذر عن التأخير كما هو الحال اليوم.

حريق في النخيل

ويتذكر المواطن فتحي صالح أنه "في إحدى السنوات شب حريق في بستان بمنطقة توبلي، وكنا أطفالًا صغارًا آنذاك، وانتشر الخبر الذي أصبحنا نتناقله بمعلومة خاطئة للغاية، وهي أن سبب الحريق هو سقوط قذيفة مدفع الإفطار بطريق الخطأ في وسط النخيل فاحترقت! لكن اكتشفنا غباء تلك الفكرة، حيث إن خالي لديه معلومات وأخبرنا بأن مدفع الإفطار لا يستخدم القذائف بل قنبلة صوتية، وبذلك فإن وقوع الحريق هو من ضرب الجهل، وإلا ففي كل مرة ينطلق فيها المدفع فقد يحدث ما لا يحمد عقباه".

اختل التوازن.. فتهشم الموبايل

أما عون عبدالسلام، فيشير إلى أنه ذهب لمشاهدة المدفع والاستماع بهذه اللحظة، وكان ابنه "سلام" ذو العشرة أعوام يقف على سقف السيارة متأهبًا لالتقاط بعض الصور والفيديو من هاتفه النقال، وكان يترقب العد للإطلاق، وحينما ثار المدفع وبسبب قوة الصوت فقد توازنه وسقط هاتفه الجوال على الأرض وتهشم فحزن عليه، ويقول عون "لكنني أعطيته هاتفًا آخر مستخدمًا لدي، وأتذكر أنني اشتريت له هاتفًا جديدًا هدية بعيد الفطر المبارك". 
على أية حال، ها نحن نستقبل شهر الخير ومعه تهل نسمات الرحمة والبركة، ونسأل الله أن يعيده علينا أعوامًا وأعواما.. ورمضانكم مبارك كريم.​