العدد 4918
السبت 02 أبريل 2022
banner
“كلمة ونص” ورمضان بطعم زمان
السبت 02 أبريل 2022

يروي الكاتب المصري الراحل صلاح عيسى حكايته مع مجلة “كلمة ونص” التي كان يصدرها في 1947 الكاتب الغنائي مأمون الشناوي وصلاح عبدالمجيد، فما إن وقعت نسخة منها في يده بأحد أكشاك الأوزبكية حتى هام بالتنقيب عن بقية أعدادها كلما زار الأوزبكية، ومع أنها كانت بحجم الكف، فإنها - حسب وصفه - من أطرف المجلات جدة في شكلها وموضوعها، وتقدم للقارئ وجبة صحافية متكاملة، من الخبر إلى التحليل، ومن التحقيق إلى المقال، ومن الصورة إلى الكاريكاتير، وتستكتب على صفحاتها كبار الكتّاب من مشاهير الثقافة والفن والفكر والسياسة، وتمتاز بالإيجاز والسخرية، فحجم المقال لا يزيد عن 20 سطرا والخبر في سطر ونصف.
على أن هذه المجلة التي تنتهج أسلوب “ما قل ودل” ذكرتني ببرنامج رائع آخر كانت تبثه “إذاعة القاهرة” في شهر رمضان قبل سنوات غير بعيدة وتقدمه المذيعة القديرة بثينة كامل بعنوان “غيرت رأيك ليه؟”، ومع أن مدته خمس دقائق إلا أنها تطرح خلاله خمسة أسئلة كبيرة تبدو مُحرجة لمن تستضيفهم من كبار الثقافة والفكر والفن والأدب، حول تغيير بعض مواقفهم وآرائهم في مسيرة حياتهم الثقافية، سواء أكان التغيير بدافع “انتهازي” يحاولون تبريره أم لدوافع موضوعية استجدت، إلا أنهم يرحبون بتلك الأسئلة ويجيبون عنها أيضاً بما “قل ودل” في حدود دقيقة عن السؤال الواحد، ثم تختم برنامجها بعبارة رقيقة باللهجة المصرية مصحوبة بإحدى أغاني الأطفال الرمضانية: “ها نفتكر كل حاجة على إذاعة القاهرة.. ورمضان بطعم زمان”.
وإذا كان هذا النوع من المواد الإعلامية المقروءة والمسموعة الخفيفة وثرية المضمون معروفاً في وقت لم تظهر فيه وسائط التواصل الاجتماعي التي باتت تستأثر بجُل مصادرنا الإعلامية من خبر ومقالة وفيديو وتغريدة.. إلخ، فما أحوجنا اليوم إلى ذلك النوع في قنواتنا العربية التي ما برحت للأسف تتبارى على شراء المسلسلات ذات الحلقات المطوْلة التي يمكن احتواؤها في 3 حلقات بدلاً من 15 أو 30 حلقة، وأفكارها بائسة أو شبه مكررة، والمحصورة غالباً في بيوت الأوساط المخملية، وكأنما الطبقتين الوسطى والفقيرة لا وجود لهما في مجتمعاتنا الخليجية.. ولماذا لا نرى أيضاً إلا نادراً مسلسلات مفيدة ذات حلقات منفصلة في موضوعاتها؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية