العدد 4915
الأربعاء 30 مارس 2022
banner
المجتمع الدولي والإرهاب الحوثي
الأربعاء 30 مارس 2022

يبدو المشهد الإرهابي الحوثي في الأيام القليلة الماضية، منفلتا ومتجاوزا أي استيعاب عقلا أو نقلا، كما باتت ردات الفعل الدولية بحاجة إلى مساءلة عميقة عن حدودها وغاياتها.
خلال ثلاثة أيام تعرضت المملكة العربية السعودية لهجمات بالمسيرات والصواريخ الباليستية، مستهدفة مواقع الطاقة والأعيان المدنية، والتي يمتنع الهجوم عليها بحسب الأعراف والقوانين الدولية، غير أن الحوثيين ومن يقف وراءهم لا يعيرون انتباها للقواعد الأممية، ولا يقرون أو يعترفون بروابط الدم أو حقوق الجيرة والعشرة، ومن البديهي أنهم في توحشهم لا دالة لهم على مفاهيم الدولة الويستفالية، وتبدو جماعة الإرهاب الحوثية، ماضية في غيها السادر، ومن غير أمل في تغيير سلوكها العدواني، الأمر الذي يضع المرء أمام تساؤل جذري وعميق.. ما العمل؟
قبل الجواب، لابد من الإشارة إلى أن مفاعيل الهجمات الحوثية، وإن استهدفت مصالح سعودية، لكنها تلحق أشد الضرر بالاقتصاد العالمي، وقد أحسنت المملكة العربية السعودية الشقيقة، حين وضعت العالم أمام استحقاقات ما ستجري به المقادير حال تعطلت إمدادات صادراتها من النفط، لاسيما أن المشهد الدولي، وفي ظل الصراع الروسي الأوكراني الجاري، يحمل مخاوف جمة تخص أسواق الطاقة العالمية.  طويلا طرحنا علامة الاستفهام: ما الذي تنتظره الدول الكبرى، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية، حتى تعلن جماعة الحوثي، كمنظمة إرهابية؟
حسنا تصدر وزارة الخارجية الأميركية تصريحات تندد بالهجمات، فهذا يعري الحوثيين دبلوماسيا في عيون العالم، لكن ما فائدة الإدانة أو ما هو نفع الشجب، إن كانت أدوات الشر الحوثية ستقوم في اليوم التالي بقصفات مشابهة، ما يعني أن الأبرياء سيدفعون الثمن من جديد. ليس سرا القول إننا أمام جماعة من جماعات الحرب بالوكالة، لصالح إيران ومشروعها للهيمنة والسيطرة في الخليج العربي، وبقية الشرق الأوسط.
الصمت الدولي على إرهاب الحوثيين، يعني أنه في الغد سيرى العالم جماعات مشابهة تنطلق من ذات المعين الدوجمائي الإيراني، لتوجه نيران مدافعها صوب أهداف استراتيجية أخرى، ما يعني أن التماهي الغربي والأميركي تحديدا لن يفيد، وإلا كان الخنوع والخضوع لهتلر قبل العام 1939 قد رد مؤامرة النازية على أوروبا برمتها.
والثابت أنه في سياق توصيف المشهد اليمني، يكاد المرء يخلص إلى أن هناك من لا يود أن تنتهي الأزمة اليمنية، بل أن تبقى هكذا على هذا النحو، كخنجر في خاصرة الأمن والاستقرار الخليجي، وهنا فإننا لا نتحدث عن أفكار المؤامرة، إنما عن حقائق الوضع على الأرض، ومن كان السبب الرئيس في وقف تقدم قوات التحالف العربي لتحرير ميناء الحديدة، ذاك الذي بات مؤولا للإرهاب الحوثي في حاضرات أيامنا. وإلى أبعد من ذلك نتساءل: "هل الأمم المتحدة ومبعوثوها حازمون لأمرهم، في استنقاذ اليمن من كارثة الإرهاب الحوثي؟
المؤكد أنهم لو كانوا على هذا النحو لكانوا عمدوا إلى حماية مطار صنعاء وميناء الحديدة، من دون تفتيشه ومراقبته.
الهجمات على مواقع الطاقة السعودية في واقع الحال، جزء من مخطط أكبر وأوسع يستهدف الإرادة السياسية للمملكة، والأمر موصول بمسارات ومساقات أحوال الطاقة العالمية وتدهوراتها الأخيرة. 
الخلاصة... الصبر الأممي على الإرهاب الحوثي لا يفيد، المواجهة الشاملة دبلوماسيا وعسكريا هي الحل، والانطلاقة من الذات العربية وبدون التعويل على الأهواء الأممية.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .