العدد 4907
الثلاثاء 22 مارس 2022
banner
الجزاء من جنس العمل
الثلاثاء 22 مارس 2022

بمناسبة عقد قران أحد الأصدقاء مؤخراً، وبينما كنا نشرب الشاي و”ندردش” مع العريس الجديد، دخل رجل ستيني إلى القاعة الصغيرة وهو يسير بخطوات متثاقلة، وما إن أبصر إليه جمع الحضور، حتى تسارعوا للسلام عليه، وتركوا العريس جالسا وحده، وأنا بجنبه.
أحاديث حارة كثيرة أخذتهم مع الضيف المبتسم جداً، وبينما هم في هذه الأجواء المنشغلة، سألت المعرس عن هويته فقال “كان مديرهم بالعمل لفترة طويلة، لكنه تقاعد قبل عام تقريبا أو أكثر بقليل”.
تطلعتُ للمشهد مجدداً، قبل أن أعيد طرح السؤال لصديقي المعرس “ظاهرة نادرة ما نراه؟”. تطلع إلي على جنب قائلاً “بالتأكيد، فكم مسؤولا اليوم حين يخرج من منصبه، ويفقد صلاحياته، يظل على ذات الود والحب والاحترام من قبل موظفيه”. واعتدل بجلسته قائلاً “بعض المسؤولين لا يحسبون حساب هذه اللحظة، بأنهم وفي يوم ما سيكونون وحدهم، بلا أوامر، وبلا مدير مكتب، أو تلفون “ينفض” هذا الموظف أو ذاك”.
ويزيد “ينسون أن “الدنيا دواره” وأن هذا الموظف الصغير الضعيف، قد يكون له شأن في يوم ما، وقد يحتاجه هو في غرض، أو حاجة ملحة، وقد لا يلتفت إليه حينها، ولا بنظرة واحدة، لأن الجزاء دوماً من جنس العمل”، وتابع “الكرسي مغر يا صديقي، والكرسي يكشف الناس على حقيقتهم، ويظهر حديث النعمة منهم من صاحب المعدن الأصيل، ويظهر خفايا النفس وحقائقها، وإن كانت مدفونة خلف آلاف الأكاذيب والمجاملات”.
وواصل صديقي “أعرف شخصا كان مسؤولاً متجبراً يرفض مساعدة الناس، وبعد أن تقاعد، قام بكل فجاجة و”ووجه متين” بفتح مجلس لاستقبال الناس، وهو الذي كان يرفض خدمتهم بصغائر الأمور”.
وختم حديثه قائلاً “ضيوفه الوحيدون الآن - وهي حقيقة - أولاده فقط، لا غيرهم”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .