العدد 4894
الأربعاء 09 مارس 2022
banner
السيناريوهات الاستشرافية للأزمة الأوكرانية
الأربعاء 09 مارس 2022

مع ظهور هذه الكلمات للنور، تكون الأزمة الأوكرانية قد دخلت أسبوعها الثاني، ويبقى السؤال الحائر إلى أين يمكن أن تمضي؟ الواقع أن هناك عدة سيناريوهات يمكن للمرء توقعها، والبداية من عند الداخل الأوكراني أول الأمر، وهل سيكتفي بوتين بالعمليات العسكرية في الجانب الشرقي الملاصق للأراضي الروسية، أم أنه سيمضي نحو الغرب القريب من أوروبا، ويبسط سيطرته على عموم أقاليم أوكرانيا؟
لا يبدو من الواضح حتى الآن أن هناك نية روسية لتوقف العمليات القتالية، ومن يتابع تصريحات الرئيس الروسي يدرك أن هناك خطة لنزع سلاح أوكرانيا، بعد أن تم تدمير معظم البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، ثم تبقى مطالب الروس بإخلاء الحكومة الأوكرانية ممن تطلق عليهم موسكو لفظة "النازيين الجدد"، وهذا أمر يعني بوضوح شديد نية روسيا تغيير الحكومة الأوكرانية ومجيء إدارة موالية لها، أما المطلب الثالث فهو اعتراف أية حكومة أوكرانية قادمة بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، وكذا الإقرار باستقلال إقليم الدونباس، وجميعها شروط روسية تبدو صعبة إن لم تكن تعجيزية.
السيناريو الثاني للأزمة يطرح علامة استفهام حول نوايا روسيا وهل ستكتفي بالوقوف عند أوكرانيا، أم ستحاول مشاكسة دول أخرى صغيرة بالقرب منها مثل مولدوفيا ولاتفيا، وربما تكون الطامة الكبرى إذا فكرت القوات الروسية مشاغبة بولندا. كانت الأخيرة السبب الرئيس في قيام الحرب العالمية الثانية، وما من شك أن روسيا لن تقبل أن تزرع صواريخ نووية على الأراضي البولندية، والتي أضحت اليوم عضوا في حلف الناتو.
السيناريو الثالث موصول بمدى التدخل العسكري الغربي في الأزمة، فحتى الساعة ما تقوم به واشنطن وبروكسيل لا يتجاوز إرسال أسلحة ومعدات عسكرية لأوكرانيا، مع التأكيد الأميركي الواضح للغاية حول عدم النية في التدخل عسكريا بحال من الأحول، لهذا رفضت واشنطن بشكل قاطع فكرة فرض منطقة حظر طيران فوق الأراضي الأوكرانية، لاسيما أن مثل تلك الفكرة يمكن أن تقود إلى صدام مباشر وإطلاق شرارة الحرب العالمية التي يكثر الحديث عنها حتى الساعة. 
السيناريو الرابع، يدور حول المفاوضات، والتي لا تبدو أنها صالحة حتى الساعة لإنهاء الأزمة، مع الأخذ في عين الاعتبار أن أية حرب ليست سوى وسيلة من وسائل التفاوض أول الأمر وآخره، وأنه مهما استمرت أعمال القتال، تبقى مائدة المفاوضات في نهاية الأمر الهدف لإنهاء الصراعات.
السيناريو الخامس، هو أن تتوقف الحرب من خلال الرفض الروسي الداخلي لها، وهنا لابد من الحديث عن السلاح الفاعل الذي يستخدم من قبل القوى الغربية، أي سلاح العقوبات الاقتصادية، والكفيل بخنق روسيا من الداخل، ودفع الروس للثورة ضد نظامهم بقيادة الرئيس بوتين. 
في هذا السياق طفت على سطح الأحداث تصريحات غريبة ومريبة، تدور حول حتمية التخلص من الرئيس بوتين، والأكثر إثارة في المشهد أن صاحبها هو سيناتور كبير الوزن في الداخل الأميركي، ومرشح سابق للرئاسة الأميركية، ليندسي غراهام، والذي تحدث عن ضرورة وجود بروتوس آخر في حاشية بوتين، في إشارة لا تخطئها العين لمقتل يوليوس قيصر من صديقه وقيل ابنه بروتوس. 
وفي كل الأحوال تبقى الصورة ضبابية، فيما كرة الثلج تتدحرج من غير هدى إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .