العدد 4875
الجمعة 18 فبراير 2022
banner
ميثاق العمل الوطني البحريني والتطور القانوني والاقتصادي
الجمعة 18 فبراير 2022


في هذه الأيام تحتفل مملكة البحرين بذكرى ميثاق العمل الوطني وهي ذكرى عظيمة ومحببة للنفوس. وبالاطلاع على الميثاق الوطني والتعليق عليه من المنظور الاقتصادي والقانوني، نقول، إن أبرز المحطات التي تلت إقرار الميثاق هي التعديلات الدستورية التي وضعت بنود ميثاق العمل الوطني موضع التنفيذ وكان ذلك إيذانًا بدخول البحرين مرحلة جديدة من الإصلاح والتطوير القانوني المؤسسي. ولم يكن للمبادئ التي وردت في الميثاق الوطني أن ترى النور وتترك الأثر إلا بإدخالها في النصوص التشريعية في أهم وثيقة قانونية وهي الدستور، وكذلك فقد تم شطب أو تعديل كل القوانين التي تخالف مبادئ وتوجيهات الميثاق، وهذا تطور قانوني كبير. 
 من المبادئ القانونية الهامة التي تضمنها الميثاق الوطني، وتم تضمينها في صلب الدستور والقوانين، نجد كفالة الحريات الشخصية والمساواة، والمواطنون متساوون في الحقوق والواجبات والحرية الشخصية مكفولة وفقًا للقانون. ولا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو تحديد إقامته إلا وفق القانون وتحت رقابة القضاء. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، ولا عقوبة إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون المنشئ للجريمة وفي هذا قمة العدالة، والعدل أساس الملك.
وذهب الميثاق للميل الاضافي في الحرية الشخصية وحمايتها ونص على أن يكون لكل متھم في جناية محام يتولى الدفاع عنه وبموافقته. وحق التقاضي مكفول وفقا للقانون والباب مفتوح لكل صاحب حق للجوء للقضاء “والبينة على من ادعي واليمين على من أنكر” أمام قضاء مستقل. وأيضا من المبادئ السامية التي تضمنها الميثاق النص على حرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية وفق العادات السائدة في البلاد، وحرية الرأي والنشر وفق أحكام القانون السائدة..  
ومن الناحية الهيكلية المؤسسية للعمل في مملكة البحرين، تضمن الميثاق الوطني العديد من النقاط الهامة جدا ومنها نشير إلى إقرار مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا ما عليه الوضع في كل الأنظمة الدولية الحديثة. وتمت الإشارة صراحةً إلى التعاون التام بين هذه السلطات وفق أحكام الدستور حتى يكون هناك انسجام وتنسيق تام في إدارة البلاد وفق أرقى المستويات، وهذا يتماشى مع النظرية الدستورية العالمية التي تنادي بمبدأ “الفحص والتوازن – جيك آند بالانس”. وللتأكد من تحقيق هذه التوجهات تم إنشاء المحكمة الدستورية للفصل في دستورية القوانين واللوائح، وبالفعل نظرت هذه المحكمة في العديد من القوانين وأصدرت قرارتها بما يتماشي مع أحكام الدستور وصيانته.
ومن الناحية الاقتصادية، تناول الميثاق الوطني أيضا مبادئ هامة لتحقيق النمو الاقتصادي وتطويره لرفع مستوى المعيشة في مملكة البحرين وذلك عبر انتهاج سياسة السوق والاقتصاد الحر وفق الممارسات الاقتصادية والتجارية السليمة مع الانفتاح على العالم وتشجيع الحركة الاقتصادية المحلية والعالمية وفق المواثيق والمعاهدات الدولية وبما يضمن التقدم والنمو الاقتصادي لمملكة البحرين. وبالطبع، فإن تحقيق هذه التوجهات الاقتصادية ستعمل على تطوير المجتمع وبما يحقق الثورة الاجتماعية التي تعود بالخير للجميع. ومن دون شك، فإن النهضة الاقتصادية والتجارية التي تعيش فيها البحرين الآن ما هي إلا رد فعل ونتاج طبيعي للسياسات والتوجهات السامية التي تضمنها الميثاق الوطني وتم تفعيلها وتطبيقها وفق الأحكام الدستورية والقانونية.
إن وثيقة الميثاق الوطني البحريني، وبالاطلاع على العديد من الوثائق المشابهة الأخرى التي صدرت في العديد من الدول، في نظرنا، تعتبر وثيقة متكاملة ومتطورة تهدف لتقدم البحرين والشعب البحريني. والأهم من الوثيقة ما تلاها من خطوات فعلية بتبني ما ورد في الوثيقة وأخذه مأخذ الجد والعمل الجاد على تفريغه في الدستور والقوانين السارية. وبهذا تم تحقيق إرادة الشعب التي تم تضمينها في وثيقة الميثاق الوطني. وهذه الخطوة الجريئة والشجاعة تمثل كما يقولون، البيان بالعمل، ووضع النقاط فوق الحروف وبما يجعل ما تم الاتفاق عليه أمرًا واقعيًّا وقانونيًّا. وهذا هو المطلوب. ولننعم بالوثيقة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .