العدد 4825
الخميس 30 ديسمبر 2021
banner
القضية الفلسطينية وصراعات الفصائل والأجنحة (1)
الخميس 30 ديسمبر 2021

قرأت في الآونة الأخيرة تقارير إعلامية عديدة تتحدث عن تفاقم الخلافات بين قادة حركة “حماس”، وتشير إلى أن هذه الخلافات خرجت إلى العلن بحسب صحيفة “التايمز” التي تناولت الموضوع في مقال لأنشيل فيفر يدور حول الخلاف بين جناحين داخل “حماس”، أحدهما بقيادة إسماعيل هنية الذي يسعى لتحويل الحركة إلى وكيل عسكري لإيران على غرار “حزب الله” اللبناني، بينما يتبنى الجناح الآخر بقيادة خالد مشعل ضرورة ترميم علاقات الحركة مع الدول العربية.
الحقيقة أن الانقسامات داخل حركة “حماس” خرجت إلى العلن منذ فترة طويلة، ومواقف هنية ومشعل معروفة لجميع مراقبي الشأن الفلسطيني، وليس هناك جديداً على هذا الصعيد، لكن الغريب أن تثير تجربة “حزب الله” وميلشيا الحوثي وغيرهما إعجاب من يُفترض أنهم يسعون لبناء دولة فلسطينية والتوصل إلى تسوية نهائية لقضية عادلة لا تحتاج إلى استنساخ تجارب فاشلة؛ فمن الغريب أن يقتدي من يسعى لبناء دولة بمن نجح باقتدار في تدمير دولة قائمة، أو آخر نجح في دفع دولته إلى الفشل والانهيار!
مشكلة مشعل وهنية ليست فقط في المفاضلة بين التبعية لإيران أو التمسك بالحاضنة العربية الطبيعية للقضية الفلسطينية، بل هي النظرة الأحادية الضيقة للعنف والإرهاب باعتباره الطريق الناجع للحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
صحيح أن صفحات التاريخ مليئة بتجارب نجحت من خلالها بعض حركات التحرر في الحصول على الاستقلال وتحقيق أهدافها من خلال حمل السلاح، لكن يجب الاعتراف بأن الظروف الدولية تغيرت أو هناك معطيات استراتيجية لا تدعم خيار المقاومة المسلحة كبديل وحيد للحصول على الحقوق المشروعة للشعوب.
المؤكد الأكثر ترجيحاً بالنسبة لي على الأقل، أن تحرير الأراضي الفلسطينية لا يمر عبر طهران، ولن يأتي عبر انخراط هنية أو غيره في مشروع “محور المقاومة” الذي تقوده إيران، وإصراره على أن يكون ذراعاً عسكرياً يأتمر بأوامر قادة الحرس الثوري، وهذا بالمناسبة ليس تحليلاً أو استنتاجاً من جانبي، بل هو اعتراف رسمي صريح ورد على لسان إسماعيل هنية نفسه في تصريح لقناة العالم الإيرانية، قال فيه إن “المقاومة الفلسطينية كجزء من محور المقاومة ستقف إلى جانب إيران في مواجهة أي تهديد أميركي وصهيوني”، في اصطفاف غريب لمن يفترض أنهم حركة تحرر وطني فلسطيني إلى جانب مشروع لا ناقة للعرب والفلسطينيين فيه ولا جمل، بل إن الجميع يعرف أن المشروع الإيراني هو ترجمة لفكر توسعي يتمدد استراتيجياً على حساب المصالح الاستراتيجية لشعوب عربية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية