العدد 4817
الأربعاء 22 ديسمبر 2021
banner
كريسماس باهت في زمن كورونا إميل أمين
الأربعاء 22 ديسمبر 2021

للعام الثاني على التوالي ينغص الفيروس الشائه، كوفيد - 19، بتحولاته وتحوراته فرحة أعياد الميلاد حول العالم، والتي تعتبر فرصة للملايين حول الكرة الأرضية للفرار من ضغوطات الحياة المعاصرة. على بعد ساعات قليلة من ظهور هذه الكلمات للنور، يخشى الكثيرون أن تكون موجة خامسة من هذه الجائحة المقلقة قد ضربت الكثيرين شرقا وغربا، والذين يتابعون المشهد الأوروبي بنوع خاص، يرون أن هناك دولا بعينها بدأت التضييق على مواطنيها، بل وزائريها، في محاولة من أجل حماية الجميع من الانتشار المزعج لكورونا.
أما الناظر إلى الولايات المتحدة الأميركية، فيكفيه أن يراجع تصريحات الرئيس جوزيف بايدن بشأن ما أسماه العاصفة الفيروسية القادمة، والتي ستضرب غير المتلقين للقاح بنوع خاص، ليدرك الهول الذي ينتظر البلاد والعباد.
من وجهة نظر تاريخية بدا الكريسماس كظاهرة اجتماعية أكثر منها ظاهرة دينية، فقد كانت الثلوج والظلام الذي يخيم على الغرب الأوروبي والأميركي، عاملا دافعا للبحث عن سبب ما لتحويل هذه الأيام إلى مواسم للاحتفالات وفرص لإشاعة البهجة، والتقاط الأنفاس وسط زحمة الحياة، لاسيما مع التطورات المعاصرة التي جعلت البشر تروسا في ماكينة العولمة، الأمر الذي أفقد الكثيرين جزءا بالغا من إنسانيتهم وبشريتهم المعذبة بصنوف التكنولوجيا الحديثة. أمران آخران يختصمان من سعادة الكريسماس هذا العام، الأول حالة الطقس، والثاني موصول بالظروف الاقتصادية وتوقعات التضخم العالمي.
بالنسبة للنقطة الأولى، فقد كان الجنرال الأبيض، أي الثلج أمرا مرحبا به وتقليدا تتطلع إليه الشعوب الغربية، وعاملا من العوامل التي تضفي بهجة خاصة على المحتفلين بالكريسماس والمستقبلين لرأس السنة الجديدة، غير أن واقع الحال في الأعوام الأخيرة وجراء التحولات المناخية المزعجة، تحول الأمر إلى عواصف ثلجية، وأعاصير ورياح عاتية، ناهيك عن الأمطار غير المسبوقة، وجميعها جعلت التواصل بين الأسر والخروج من المنازل أمرا صعبا. 
عطفا على ذلك فقد أدت الظروف الإيكولوجية المضطربة إلى توقف إنتاج الكثير من مصافي النفط، لاسيما في الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي انعكس على ارتفاع أسعار الوقود، وفي دولة مموطرة مثل الولايات المتحدة، تمثل القيادة بالسيارات قلب التواصل الاجتماعي، والأمر موصول بكل وسائل التنقل داخل تلك القارة الواسعة والشاسعة. 
النقطة الثانية التي تجعل من الكريسماس هذا العام باهت اللون، التوقعات الاقتصادية التي تحتل أخبارها عناوين الصحف الورقية، وتتسنم أنباؤها النشرات التلفزيونية، وجميعها تتحدث عن التضخم المتوقع في الأشهر القليلة القادمة، الأمر الذي يجعل الكل يحجم عن الإنفاق التقليدي في تبادل الهدايا في زمن الكريسماس، خوفا من الأوضاع غير واضحة المعالم للغد.
يضاف إلى ذلك أن هناك حالة من التوتر السياسي غير المسبوق حول العالم مع نهاية العام الجاري، خصوصا بين الأقطاب الكبرى المتمثلة في أميركا وروسيا والصين، ما يجعل أية احتفالات مشوبة بالقلق والخطر على حد سواء. 
كريسماس رمادي باهت إن جاز التعبير تعيشه الإنسانية هذه الأيام، وما من شيء يعطيه طعما أو مذاقا سوى المزيد من الدفء الإنساني وتلاحم وتعاضد البشر، لا سيما الاهتمام بالمعذبين والمجروحين من اللاجئين والمهجرين والفقراء حول العالم... ميري كريسماس.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية