العدد 4810
الأربعاء 15 ديسمبر 2021
banner
عالم الغد.. سلام دولي أم حروب أممية؟
الأربعاء 15 ديسمبر 2021

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، خيل للعالم أن أوان الحروب العالمية انتهى، وأن الصراعات الكونية أصبحت من الماضي، بل إن القوى القطبية الكبرى باتت بعيدة عن احتمالات المواجهة مرة جديدة، غير أن الواقع الأليم المحيط بالعالم في الأوقات الأخيرة يدفعنا إلى استنتاج ما هو عكس ذلك، إقليميا وعالميا، فعلى الرغم من أن القوى الكبرى ليست في حالة حرب مع بعضها البعض، إلا أن الإنفاق العسكري مستمر في الزيادة، وبعبارة أخرى تواصل الدول الاستعداد لحروب كبيرة محتملة، حيث ينفق العالم ما يقرب من 2 تريليون دولار كل عام على صيانة الجيوش وتسليحها. 
هل الولايات المتحدة الأميركية، وكما في كل شيء لها نصيب الأسد في هذا الشأن؟ هذا صحيح بالفعل، فأميركا تنفق وحدها الثلث، وهو رقم أكبر من مجموع إنفاق الدول السبع التالية في الترتيب، بما يعكس التفرد في النظام الأميركي المتعلق بالاهتمامات والمصالح العالمية. ليس من الواضح ما إذا كان غياب الحروب، التي تشارك فيها القوى العظمى، اتجاها دائما أم استثناء، وإن كانت الملفات المفتوحة في الوقت الراهن تشي بأن القارعة على الأبواب.. 3 أمثلة يمكن للمرء أن يدلل بها على أن الغد مرشح لاشتعال الحروب أكثر من كونه جاهزا لقطع أشواط أكبر في عالم السلام. 
الملف الأول إقليمي وموصول بالبرنامج النووي الإيراني وما يدور من حوله في الكواليس، لاسيما في ظل تعثر المفاوضات في فيينا، بل إن الأكثرية الغالبة ترى أنها مفاوضات عبثية لا نفع منها ولا طائل من ورائها، والذين يتابعون هذا الملف بعين التدقيق والتحقيق، يدركون أن احتمالات المواجهة العسكرية مع النظام الإيراني قد فاقت بزمان وزمانين مآلات الحلول السلمية، لاسيما أن إيران تبدو وبشكل مؤكد ماضية في طريق تسويف الوقت من أجل الحصول على أكبر قدر من اليورانيوم المخصب من جهة، والخبرة النووية العملياتية من جانب آخر، لهذا فإن الأحاديث الدائرة اليوم في واشنطن تكاد تقطع بأن الحل العسكري بات حاضرا على الطاولة وبصورة غير مسبوقة، الأمر الذي ستكون له ولاشك انعكاساته على واقع الخليج العربي والشرق الأوسط أولا، وعلى السياقات الدولية تاليا. 
ملف آخر قابل للانفجار، وقد يحدث في أي وقت، ذاك المتعلق بأوكرانيا، ذلك البلد الذي صدر للاتحاد السوفييتي عددا من كبار قادته فيما سبق، واليوم بات مطمعا للولايات المتحدة الأميركية، ولحلف الناتو بشكل إجمالي، وأضحى هدفا لوجستيا يراد من ورائه الاقتراب من حدود روسيا. في هذا السياق نرى القيصر بوتين يرفض رفضا كاملا وشاملا هذه الأطماع الغربية، لهذا فإن وجود أكثر من 175 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا، يقودنا إلى تذكر ما قاله أديب روسيا الكبير، أنتوني نشيخوف، ذات مرة، من أنه إذا قلنا في الفصل الأول إن هناك بندقية معلقة على الجدار، فإنه غالبا ما ستنفجر في الفصل الثالث.
الأزمة الثالثة الكفيلة بأن تحول المستقبل إلى نقطة مشتعلة، الملف الصيني – الأميركي، وسواء تعلق الأمر ببحر الصين الجنوبي أو جزيرة تايوان، فإن الصراع يبقى واردا.
متى تعرف البشرية طريقا تطبع فيها سيوفها سككا ورماحها مناجل؟.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية