تربيت في بيت بسيط وهادئ، رب أسرته كان شرطيا من الرعيل الأول المؤسس لجهاز الشرطة البحرينية، كان رقمه العسكري رحمه الله 979، بزي أخضر ميز تلك الحقبة الجميلة والزاهية.
أن تعيش في بيت رجل شرطة، أمر استثنائي ومختلف عن الآخرين، فالعادات مختلفة، واليوميات، والتربية، وشخصية الأب نفسها، والتي تستلهم كل شيء من هذا العمل النبيل، من صرامة، وحزم، وأمانة، وعدل، ونظام يطال كل شيء وأي شيء.
كان والدي الشرطي الأمين بعمله، المؤذن، الملازم للروضة الخضراء في المسجد، يحكي لنا يوميا على مائدة الغداء، قصص رجال الشرطة، وواجباتهم وأمانتهم، ومشاق العمل اليومي الذي يقومون به، والصعوبات التي تعاندهم، لكي نستلهم من ذلك كله روح المسؤولية والواجب.
كان يقول إن عمل الشرطي محطة لصقل الرجل، وللشهامة والمروءة، وإن المسؤوليات تلزمه أن يقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن يخاف الله بهم، وأن يكون معينا لهم ومعاوناً، وأن يتذكر قدسية الزي الذي يرتديه، ومهابته، بأمانة عجزت الجبال عن حملها.
استذكرت هذه اللحظات، وغيرها، في شوارع وأرصفة “سافرة” الجميلة التي تغيرت الآن كثيراً وتطورت، وتوارت بيوتها القديمة خلف المباني الجديدة، لكنها تظل حجر الزاوية الرئيس لكل بطولات وتضحيات وفداء رجال الشرطة الأوفياء، والأبطال، الأحياء منهم والأموات، وفي يوم الشرطة البحرينية نتوقف إجلالا لجهود ومساعي الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، والذي حمل مسؤولية الوزارة منذ البدايات بكل وفاء وأمانة وصدق، وعمل واجتهاد.
ونشير بالعرفان أيضا، لكل أركانه، ولكل الضباط، والأفراد، بكل المواقع الأمنية، والذين يسهرون الليل والنهار، حبا ووفاء وفداء للبحرين وأهلها الطيبين.