العدد 4778
السبت 13 نوفمبر 2021
banner
قرداحي فقد كل أوراقه
السبت 13 نوفمبر 2021

لم تعد الاستعانة بالأقلام المأجورة مقتصرة على الأنظمة الدكتاتورية في العالم للدفاع عن سياساتها، إذ بات جلياً أن كثرة من الأحزاب التي تعتبر نفسها مبدئية لا تتورع عن اللجوء لهذه الوسيلة الانتهازية، خذ على سبيل المثال “حزب الله” اللبناني، فاليوم لا يقتصر من يدافعون عنه على محازبيه ومؤيديه وبقايا قوى قومية ويسارية فقط، بل دخل في عدادهم إعلاميون وكتّاب معروفون بانتهازيتهم، ومن ضمنهم من كانوا يمجدون النظام العراقي الدكتاتوري السابق ويقبضون كوبونات النفط، ولعل الإعلامي اللبناني جورج قرداحي خير من يمثل هذا النموذج، فهذا الرجل البعيد عن العمل السياسي، وبعد أن أقام سنوات طويلة في الخليج، وكانت المؤسسة الإعلامية الخليجية التي وظفته كريمة معه في منحه أجورا ومكافآت مالية عالية، فضلاً عن توظيف ابنتيه فيها؛ فإنه بعد فصله منها تحوّل فجأة إلى محلل سياسي يفتي في كل الشؤون السياسية لبلاده ودول المنطقة والعالم، وقادته ضالته لتصفية حساباته الشخصية مع تلك المؤسسة التي اُقيل منها والدولة التي تتبعها من خلال الوقوف مع خصومها الإقليميين في المنطقة، ومن ذلك استضافة طهران غير مرة له وزياراته المتكررة لرئيس سوريا. وللأسف فإن حسابات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خاطئة أن رضخ لضغوط قبوله في الحكومة الجديدة في الوقت الذي يعلم القاصي والداني مواقفه العدائية مع معظم دول مجلس التعاون، وهو الرجل الذي لم ينبس ببنت شفة عن مطالب انتفاضة تشرين الشعبية التي تفجرت في تشرين 2019، ومنها شعار “كلن يعني كلن” أي عدم اعترافها بالطبقة السياسية برمتها، الحاكمة منها أو من يحل محلها من وجوه جديدة من نفس الطبقة التي وصمتها بـ “الفاسدة”!
ولأنه يبحث عن مصالح شخصية جديدة بأي ثمن؛ فإنه لم يُبالِ بأن أية حكومة جديدة مُعرّضة للسقوط في ظل أزمات محتدمة بالغة الخطورة تواجهها بلده، دع عنك عمرها القصير لقرب الانتخابات المقبلة في مارس القادم. والمؤسف أن يتدنى وعي كثيرين بأن يبنوا تعاطفهم معه تبعاً لموقف “حزب الله” دون تبصر بسيرة هذا الرجل الانتهازية الذي خسر اليوم كل أوراقه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .