في كلمة خالدة للسياسي البريطاني البارز “ونستون تشرشل” الذي تولى رئاسة الوزراء بالمملكة المتحدة إبّان الحرب العالمية الثانية في الفترة من عام 1940 حتى 1955م، تحدّث بأجمل العبارات عن السلطة القضائية، وقال فيها “حينَ علمتُ أنّ قضاء الدّولة البريطانية بخير، أدركتُ أنّ بريطانيا باتت بألف خير”، مُترّجماً فيها أهمية هذه السلطة للأفراد والمجتمعات والدول وما يبُتْ حولها في أمور النّاس وشؤون التحاكُم بينهُم في مبتغى التراحم والمُساواة في الحُقوق والعدل والإنصاف في عقاب المُذنبين دون تمييز بين غنيّهم وفقيرهم أو صاحب عزّ أو ذي ذلة، بعد أنْ برزت كسلطة مؤثرة تقع على عاتقها مسؤولية تطبيق القوانين وتسوية النزاعات وحماية المنافع ضد التجاوزات والتعديات في أجهزة التشريع أو التنفيذ دون حيفٍ أو تجافٍ.
إنّ ما تحوزه هذه السلطة من سمو الهيبة وعلوّ المنزلة في وقار المجلس وهيبة الحضرة وفق ما اصطلح عليه بقانون “المسطرة” الذي يُرسّخ منطلقات السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ويعكس دقة التمييز بين الحقوق، والتّعويل عليه في تفرعاتها الشرعية والمدنية بصنوف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ضمن بوتقة الحقوق البشرية التي لا تقبل الاجتزاء أو التشابك بحالات الانتصاف القضائي أو شبه القضائي للتعويض عن الضرر ومحاسبة المخالف وردع المنتهك دون إفلات من عقاب أو مُنافاة في أخلاق؛ فهي تحظى كذلك حسب المعايير البشرية المتعارفة بقابلية النصح ومرونة التناصح في توضيح مضمون الحقوق ونطاقاتها والفصل في قضاياها المختلفة عند حالات الإنفاذ القضائي، وفي مقدمتها “حقّ التقاضي” الذي تصول منه القواعد القانونية وتجول فيه المنطلقات الموضوعية.
نافلة:
يُشكّل القضاء - دونما ريب - عنواناً للسيادة وصمّام الأمان وضامن الحقوق المكفولة ومعقل العدالة الأخير الذي يُراعي المصالح العامة ويُجسّد القيّم المتعارفة ويُعمّق الأطر القانونية في تحقيق العدالة والانتصاف للمواطن والمُقيم على حدّ سواء في أيّة بقعة على وجه البسيطة.