لسنوات طوال نقرأ ونسمع عن أضرار أفلام العنف والرعب خصوصا على الأطفال، وتحذيرات من هنا وهناك من ترك الصغار والكبار لهذه النوعية “غير المفيدة” من الأفلام والمواد الفنية، فحاولنا قدر الإمكان الابتعاد عنها وإبعاد أولادنا عنها، فإذا بدراسات أخرى تكتشف فجأة فوائد لهذه الأفلام، لتستمر مسيرة الدراسات والاكتشافات المتناقضة مع بعضها البعض لتزيد حيرتنا وترددنا في كل مجالات حياتنا.
فقد نشر موقع “هيلث لاين” الأميركي تقريرًا أكد فيه أن لأفلام الرعب فوائد للصحة العقلية ودورا مهما في تخفيف التوتر والقلق، على أساس أنها تخلق نماذج وتجارب “مفزعة” يتعرض لها الشخص وهو يعيش في بيئة آمنة، ومن ثم لا ينزعج ولا يتولد لديه الخوف لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه أمام مشاهد تمثيلية غير حقيقية، إضافة إلى ذلك، تنفعه هذه التجارب في تكوين خيارات وبدائل للتعامل مع الأزمات أو المخاطر المشابهة التي قد يتعرض لها بالفعل، أي أنه قد يستدعي في واقعه ما سبق أن شاهده خيالاً وأفلامًا وتمكنه من التحكم في سلوكياته وردود فعله وتتيح له حسن التعامل مع ضغوط العالم الحقيقي.
ربما تكون مثل هذه الدراسات متأثرة بالارتفاع المتواصل لشعبية أفلام الرعب وحاولت أن تتعايش مع الزيادة الهائلة في مبيعاتها خلال جائحة كورونا كوفيد 19، لأنها قدمت وسيلة للهروب من الواقع المؤلم ونسيان تداعيات ومصائب وآلام هذه الجائحة التي مست كل بيت من البيوت بشكل من أشكال الإيذاء والضرر، خصوصا أن هذه الأفلام تتطلب تركيزا شديدًا ومتابعة مستمرة دون انقطاع، وهو ما يبعد المشاهد تماما عن واقعه خلال فترات المشاهدة طالت أم قصرت.
لكن، في كل الأحوال لا يجب ولا يمكن التعميم بمثل هذه السهولة والقول إن لأفلام الرعب فوائد على الصحة العقلية وتخفيف التوتر، فالأمر بالتأكيد يتوقف على طبيعة المشاهد ومدى ثقافته واستعداده النفسي والعقلي، وكذلك مدى حدة ونوعية الرعب المقدم في مثل هذه الأفلام.