لم يعد مستغربًا أن نجد من يخرج علينا بكل جرأة وتباه للإعلان عن سلوك ما أو عادة يتبعها، أو فكرة يؤمن بها أو قناعة لديه تمثل خروجًا صارخًا عن قيم المجتمع وعاداته شكلا ومضمونا، بل وعن قيم ومبادئ الدين، فهذا أمر يقع منذ الأزل وإن كان قد شهد زيادة في الحجم وتنوعًا في الكيفية التي يتم الإعلان عنها في ظل الثراء التقني الذي نعيش فيه، والذي منح كل فرد حريات لم تكن موجودة من قبل.
لكن أن تتورط وسائل الإعلام “المعتبرة” في الترويج لهذه النماذج الشاذة الخارجة عن كل قيم، والتي تحاول تشويه المبادئ النافعة لتقويم المجتمع وإصلاحه، فهنا مكمن الخلل والخطورة.
مؤخرًا خرج علينا شاب يزهو بنفسه ويفتخر بأنه عمل محللا 33 مرة خلال عامين فقط، وأنه يعمل هذا الفعل “الإنساني” لوجه الله تعالى ولا يتقاضى أجرًا، بل إنه لا يقدم هذا “المعروف” إلا لأصدقائه والمقربين منه من المستحقين لهذا الجميل. لعل بعضنا شاهد فيلم “زوج تحت الطلب” الذي عرض قبل عشرات السنين لنجمين كبيرين من نجوم الكوميديا المصرية، وهما فؤاد المهندس وعادل إمام الذي قام بدور المحلل في فيلم بدا في حينه أنه من عالم الخيال، إلى أن جاء هذا الشاب “المحلل” بنفسه ليؤكد أن الفيلم يعبر عن واقع قد يكون مخفيًا عن الكثيرين، لأن من كان يقوم به يخجل من نفسه ويشعر بأنه يرتكب عملاً مشينًا، ليصدمنا هذا الشاب بالظهور الإعلامي الجاذب والمرتب الذي صوره بطلا مغوارا ونموذجًا صالحًا للاقتداء به. الغريب أن الاهتمام الإعلامي انتقل لقنوات عالمية معروفة مثل البي بي سي التي تحدثت عن هذا “المحلل” وأعداد زيجاته “الخرافية” في عامين فقط.
نحمد الله أن امتلك الشيخ الفاضل الذي كان في مواجهة مع هذا الشاب “المحلل” شجاعة أكبر وقام بإفهام الناس بأسلوب بسيط وسلس أن ما يحدث من الشاب لا يستحق الثناء ولا الاقتداء، بل الزجر والكف والاستياء.