العدد 4747
الأربعاء 13 أكتوبر 2021
banner
عالم على شفا أزمة مالية كبرى
الأربعاء 13 أكتوبر 2021

هل يتجه النظام المالي والاقتصادي العالمي إلى جهة أزمة مالية كبيرة؟ وإذا كان ذلك كذلك فمن المسؤول عنها؟ هذا التساؤل يتردد بقوة في الشهرين الأخيرين، خصوصا في ظل أزمتين تكادان تعصفان بأي ضرب من ضروب التعافي المالي، والذي أعقب أزمة تفشي جائحة كوفيد - 19 حول العالم.
الأزمة الأولى موصولة بسقف الدين الأميركي، وهي قضية مهددة بالفعل لاستقرار العالم ماديا، خصوصا في ظل الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين في الداخل الأميركي، وعلى الرغم من التوصل لاتفاق مؤقت مؤخرا، إلا أن الأزمة تظل باقية كسيف مسلط على رقاب الأميركيين أولا والعالم من ورائهم.
أما الأزمة الثانية، فمردها انهيارات محدقة بأكبر شركة عقارات صينية، الأمر الذي يهدد بأن تتكرر مأساة الأزمة المالية الأميركية عام 2008، تلك التي عرفت بأزمة التوريق، والمرتبطة بانهيار بعض أهم البنوك الأميركية العاملة في إطار المباني، مثل بنك ليمان براذر الشهير.
والشاهد أن إشكالية الديون العالمية لا تتوقف عند الولايات المتحدة الأميركية بنوع خاص، بل تمتد كذلك إلى بقية أرجاء العالم، الأمر الذي أظهره تقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي، والذي أشار إلى ارتفاع إجمالي الديون في العالم لأكثر من ثلاثة أمثال إجمالي حجم الناتج المحلي للاقتصاد العالمي.
ماذا يعني الكلام المتقدم؟ باختصار غير مخل، يشير إلى تعاظم المخاوف الموجودة منذ سنوات لدى خبراء الاقتصاد حول العالم، جراء تلك الديون، وتأثيراتها على حركة الاقتصاد العالمي، سيما أن بيانات المعهد أظهرت زيادة واضحة في ديون الدول المتقدمة، بما في ذلك ديون الشركات والحكومات والأسر، غير أن الزيادة الكبرى كانت في الأسواق الصاعدة، والتي قال المحللون الاقتصاديون إنها كانت الهاجس الأكبر خصوصا مع حجم الديون مستحقة السداد خلال عام 2020.
ولعله قد لا يستقيم الحديث هذه الأيام عن أحوال الاقتصاد العالمي من دون التوقف أمام مآلات اقتصاد الصين، والتي يتوقع الجميع أن تسبق الاقتصاد الأميركي خلال عقدين على أقصى تقدير، ماذا عن تلك الأوضاع وهل تساهم في زيادة أبعاد الأزمة الاقتصادية أم تيسير إيجاد حلول لها؟. 
يرى الخبير الاقتصادي "سيامون رابينوفيتش" أن الخطر الأبرز الذي سيواجه الاقتصاد الصيني في السنوات المقبلة يتمثل في الرسوم الجمركية التي تعتزم الولايات المتحدة الأميركية فرضها على الواردات الصينية، مع الأخذ في عين الاعتبار أمر تقلص تلك الواردات، إذ لم يعد المستهلك الأميركي راغبا في شراء سلع من دولة وردت الفيروس الذي تسبب في مقتل أكثر من سبعمئة ألف أميركي، وأرجعت الاقتصاد خمسة عقود إلى الوراء، هذه الحرب التجارية بين الدولتين ستجبر الصين على تغيير سياستها الاقتصادية، مثل تثبيت مستوى الديون، واتخاذ مزيد من إجراءات التقشف.
ويبقى السؤال المهم والحيوي قبل الانصراف: "هل لدى العالم العربي خطط استشرافية لملاقاة تلك الأزمة القادمة حال حدوثها، وحتى لا تتكرر مآسي وأخطاء الأزمة السابقة؟
يتمنى المرء أن تكون هناك حالة عالية وواعية من الإدراك، تجنب الوقوع في دائرة الأخطار السابقة، وربما كانت المخاوف القادمة دافعا إيجابيا لتعظيم التعاون الاقتصادي والاستثماري العربي المشترك، وحتى تتحول الأزمة الآتية حال حدوثها إلى فرصة مستقبلية للاستفادة منها، لا خطرا كارثيا يتوجب دفع أكلافه.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية