العدد 4740
الأربعاء 06 أكتوبر 2021
banner
الوباء الذي قتل 180 ألف مصري
الأربعاء 06 أكتوبر 2021

مع تجاوز ضحايا جائحة كوفيد - 19 المستجد حاجز الخمسة ملايين وفاة، ترتفع في الأفق علامة الاستفهام التالية: "هل جائحة كوفيد - 19 أشد جائحة تعرضت لها البشرية في المئة عام الأخيرة؟ هذا التساؤل يتصدى له البروفيسور "محمد أبو الغار"، الأستاذ بكلية الطب بجامعة القصر العيني المصرية العريقة، والباحث الشهير والمفكر الكبير.
يحدثنا أبو الغار في كتابه الذي يحمل اسم "الوباء الذي قتل 180 ألف مصري"، عن أخطر وباء عرفته البشرية في المئة عام الماضية، وتحديدا في عام 1918، وقد عرف وقتها باسم الانفلونزا الأسبانية، والتي انتشرت في العالم كله، وبحسب المؤلف فإنها أسفرت عن 50 مليون ضحية، فيما بعض المراجع العالمية تقول 100 مليون.
كان التساؤل المثير: "هل اقتربت الانفلونزا الأسبانية من العالم العربي، أم أنها لم تجد إلى ذلك سبيلا؟ ربما كان منطلق التساؤل هو أن وسائل الانتقال حول العالم قبل مئة عام لم تكن كما عرفناها في الوقت الحالي، وليس سرا القول إن سهولة التحرك من قارة إلى أخرى، ومن دولة إلى ثانية، قد يسر للأسف مهمة انتقال فيروس كورونا، لهذا فقد صمت الجميع، ولم يتحدث أحد عما فعلته هذه الانفلونزا في البشر في ذلك الوقت. 
لكن الدكتور أبو الغار استطاع من خلال عملية بحثية استعان فيها بوثائق من جامعة تكساس التوصل إلى أن الانفلونزا الأسبانية حصدت في مصر فقط نحو 180 ألف ضحية توفوا بسببها. ولعل الورقة الرئيسة التي اعتمد عليها البروفيسور أبو الغار في كتابه، عطفا على وثائق أخرى، هي دراسة للباحث الأميركي الدكتور "كريستوفر روز"، والذي كان قد نشر ورقة بحثية عن الانفلونزا الأسبانية في مصر عام 1918.
ما السبب في وفاة هذا الرقم الكبير في مصر في ذلك الوقت؟ يوضح المؤلف أن ذلك النوع من الوباء أصاب المصريين بشدة وأدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات بينهم بسبب وجود حالة من سوء التغذية والهزال عند ملايين المصريين بسبب الفقر والتضخم الشديدين اللذين أديا إلى ضعف كبير في الصحة مصحوب بفقر الدم وأمراض نقص التغذية. 
عطفا على ذلك، من الأسباب التي ساعدت على انتشار المرض، حركة الجنود بسبب الحرب العالمية الأولى، وعودة العمال المصريين المصاحبين للجيش البريطاني من الخارج، وانتشارهم في مختلف قرى مصر، وكان لكل هذه العوامل أثر كبير في غضب المصريين بشدة، ودفعهم إلى مواجهات مع السلطة ممثلة في الشرطة عام 1918، ثم الاشتراك بعنف شديد في ثورة 1919، والذي كان ممثلا في قطع خطوط المواصلات للوجه القبلي، أي جنوب مصر، ما أثار مشاكل ضخمة للمحتل الإنجليزي.
كانت الخسائر في تعداد المصريين تصل إلى واحد ونصف في المئة، وبحسابات اليوم فإنها تصل إلى مليون ونصف مليون مصري.
هل من فائدة من هذه الدراسة التي تضمنها الكتاب؟ يقودنا البروفيسور أبو الغار إلى أن دراسة الانفلونزا الأسبانية كانت أمرا مهما يساعد على التصرف حاليا ومستقبلا في مواجهة أوبئة الانفلونزا، تلك التي يبدو أن البشرية ستظل تعاني منها ما دام الفيروس مستمرا في القدرة على التحول في الطيور والحيوانات البرية قبل أن يعود ليصيب الإنسان.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية