العدد 4682
الإثنين 09 أغسطس 2021
banner
عن الجائحة والنظام العالمي الجديد
الإثنين 09 أغسطس 2021

هل التاريخ مؤامرة؟ يبقى هذا أحد أهم بل وأخطر التساؤلات على مر الزمان، ولعل أفضل جواب له هو أنه إذا لم يكن التاريخ مؤامرة، فإن المؤامرة قابعة في بطون التاريخ، والذين يظنون أن التاريخ فردوس للأطهار، أو مستقر للجحيم، كلاهما يثير الغبار حول حقيقة ما يجري من حولنا. لماذا هذا الحديث الغامض والمثير دفعة واحدة؟

حكما السبب الرئيس الكامن وراء تلك العبارات، هو الموجة الرابعة الجديدة والخطيرة من جائحة كوفيد -19 المستجد، والتي تعرف بالفيروس المتحور، دلتا، هذا الذي عاد ليضرب من جديد ويعود بالعالم إلى المربع رقم صفر مرة أخرى. الناظر إلى مشهد كورونا حول العالم تصيبه الدهشة جراء قدرة هذا الفيروس على تعديل أوضاعه، وتغيير طباعه، إلى الدرجة التي معها بات الذين تلقوا الطعوم عرضة من جديد للإصابة بهذا الفيروس الغامض ثانية.

الأسئلة فلسفيا أهم من الإجابات، فهي التي تقودنا في مدارك البحث والسعي العقلي، وتفتح لنا الباب للتفكر والتدبر، وعليه فإن ظهور هذا الفيروس في الصين بنوع خاص، وليس في روسيا على سبيل المثال، أو أية بقعة أو رقعة أخرى حول العالم يستدعي الانتباه والربط، بين الواقع الذي أفرزه انتشار الفيروس من جهة، والنظام العالمي الجديد، ذاك الذي تسعى فيه الصين للريادة والقيادة.

أحدث كوفيد - 19 في الداخل الأميركي بنوع خاص، ما لم تكن معارك عسكرية قادرة على فعله، ولو أراد الصينيون تعطيل مسيرة القطب الأميركي المنفرد بمقدرات العالم، لما فعلوا أكثر من تسريب الفيروس إلى الداخل الأميركي على هذا النحو. هل نعني بذلك أننا نتهم الصين مباشرة بأنها من يقف وراء انتشار الفيروس عمدا؟

بالقطع لا، ولا نملك الدليل، وإن كان من الممكن في القريب معرفة حقيقة ما جرى، لاسيما بعدما وضعت الاستخبارات الأميركية يدها مؤخرا على كنز من المعلومات الصينية، ومن مدينة ووهان مباشرة، ربما تمكنها من حل لغز انتشار كورونا، ويمكن للمرء أن يجد منطقا ما عند الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الرجل الذي تساءل عن مقدرة فيروس كورونا على عبور آلاف الأميال ليصل إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حين أنه لم يكن قادرا على عبور ووهان إلى بكين، والتي لا تبعد سوى بضع عشرات من الأميال.

هل كان الأمر مقصودا؟

مهما يكن من غموض الجواب، فإن للمرء أن يتخيل الرد من خلال الخسائر التي حاقت بالداخل الأميركي، والبداية عند الصراع الذي طفا على سطح النسيج المجتمعي الأميركي، فقد عمق كوفيد - 19 الشرخ الحادث في بنية الولايات المتحدة السكانية، الأمر الذي يعني أن أهم ما في الحلم الأميركي، أي بوتقة الانصهار، يكاد يتبخر، ومن ورائه خسائر بشرية تتجاوز ضحايا الحرب العالمية الثانية وحرب فيتام معا.

أما عن الآثار الاقتصادية التي خلفها وراءه الفيروس الشائه، فقد أدت إلى تراجع اقتصاد أميركا إلى خمسة عقود خلت، وما خطط بايدن الجديدة سوى مزيد من الاستدانة.

ما وراء كورونا ليس واضحا بعد، لكن حكما سيكون خطوة في طريق تغيير شكل العالم قطبيا، إلى حين إشعار آخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية