العدد 4681
الأحد 08 أغسطس 2021
banner
إيران... مطرقة الداخل وسندان الخارج
الأحد 08 أغسطس 2021

تبدو إيران بالفعل على حافة البركان، ومع ذلك لا ترتدع، إنما تضمي في غيها سادرة، تنشر المخاوف، وتفشي القلاقل من حولها. يعرف الخبراء في العلوم الاستراتيجية هذه الحالة بأنها الهروب إلى الأمام، لكنه في نهاية المشهد، هروب لا يفيد وغير بناء.

والشاهد أنه يمكن للناظر بعين فاحصة أن يدرك قدر الإشكال الذي تعيشه حكومة الملالي، لاسيما في ظل الغضبة الهائلة الأخيرة في مناطق الأهواز، وانتشارها إلى العديد من المدن الإيرانية الكبرى، وبلغ الظلم في الداخل مبلغه، لاسيما تجاه المواطنين من أصول عربية، كما أن محاولات التلاعب الديموغرافي، لم تعد تنطلي على أحد، ناهيك عن الظروف الحياتية القاسية، كما الحال مع نقص المياه.

يدرك الملالي أن ما يحدث الآن هو ضرب من ضروب الإسقاط، ذاك الذي يعقب الكبت، بحسب علم النفس، لهذا تتصاعد الاحتجاجات يوما تلو الآخر ويخطئ الحرس الثوري إن ظن عند لحظة زمنية بعينها، أنه قادر على إخماد ثورات العقول والنفوس، بالآلات القمعية أو القوة المسلحة.

تهرب إيران إلى الخارج عبر محاولة إشعال فتيل الأزمات في المنطقة، مستخدمة وكلاءها في المنطقة لتحقيق ما تريد، وتعمل جاهدة على أن تبقى النيران مشتعلة، سواء في مياه الخليج العربي، أو ما وراءها، المهم أن تقحم الآخرين في صراعاتها، علها تجد مبررا أو وازعا تتذرع به تجاه مواطنيها، ولتستكمل برامج الشر الماضية فيها قدما. يخطئ من يظن أن هناك في الداخل الإيراني حمائم وصقور، وأن روحاني كان من الحمائم، في حين ان رئيسي سيكون من الصقور، فلا هذا ولا ذاك صاحب قرار، إنما هو خامنئي الكل في الكل، وهناك علامة استفهام باتت تخيف الإيرانيين أنفسهم، عن ما بعد رحيله.

في الخارج صدمت إيران مؤخرا، فقد خيل لها أنها قادرة على التلاعب بإدارة جوزيف بايدن، وتوجيهها كيفما تشاء، فقد دخل الكونجرس على الخط، وارتفع الصوت الجمهوري وبعض من الديمقراطيين، وجميعهم يذكرون بايدن وصحبه بأن هناك قانونا أميركيا يعود إلى عام 2105 يسمى INARA، ويلزم البيت الأبيض بأخذ موافقة الكونجرس على أي ترتيب يخص الملف النووي.

لا يبدو الوقت في صالح واشنطن، فكل يوم يمر تزداد فيه قدرات إيران النووية والصاروخية، وتتمادى في غطرستها تجاه جيرانها، وتوثق من علاقاتها مع القوى القطبية المناوئة للولايات المتحدة الأميركية، وفي الأيام القليلة الماضية، كشف موقع "ديفنس نيوز" الأميركي أن برنامج طهران النووي بات يتم تعقبه بشكل أكثر دقة عبر الذكاء الاصطناعي. في هذا السياق كشف تحليل لمركز الأمن والتعاون الدولي، أن إيران على بعد 18 إلى 24 شهرا من استكمال قاعة تجميع أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض في منشأة ناطانز. ما الذي تعنيه هذه المعلومات؟

باختصار مفيد، ستتغير دفة المفاوض الأميركي، وربما هذا ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي في الكويت بقوله إن المفاوضات مع طهران لن تدوم إلى الأبد.

لن تعدم واشنطن أوراقا حاسمة في مواجهة التسويف الإيراني، وقد تكون القارعة ولو بالوكالة في الطريق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .