العدد 4671
الخميس 29 يوليو 2021
banner
الذكاء الاصطناعي وقيم المجتمعات
الخميس 29 يوليو 2021

الذكاء الاصطناعي هو نظام يهدف لإدراك طبيعة الذكاء الإنساني ثم تحويل ذاك الإدراك لآلات تحاكي السلوك الإنساني المتصف بالتفكير المنطقي والذكاء. ويعد التعلم الذكي وجها من أوجه الذكاء الاصطناعي؛ لكونه يمنح الآلات إمكانية التعلم باستخدام “خوارزميات” قادرة على فهم العمليات المتراكمة، واكتشاف الأنماط المختلفة وتوليد الأفكار المتجانسة اعتمادا على البيانات المعروضة عليها لتغذيها في عمليات صنع القرارات الآنية، وتكوين التنبؤات المستقبلية وذلك دون الحاجة لبرمجة تلك الخطوات بآلية منفردة لكل إجراء على حدة من قبل المطور.

ومعلوم أن الثورة الرقمية “Digital Smart Revolution” التي نعيشها حاليا ترتكز على 3 أعمدة أساسية هي: إنترنت الأشياء، البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. وقد عايشنا انتشار لغات برمجية وأنظمة متطورة ساهمت في إحداث تحول كبير في علاقة الإنسان بتلك الأنظمة القادرة على التكيف مع محيطها عبر اتخاذ قرارات مناسبة دون برمجة مسبقة، بل صاحَب ذلك أنظمة متطورة قادرة على التعامل مع محيطها باستقلالية تامة دون تدخل الإنسان الذي وصفها بالأنظمة الذكية لما تتمتع به من ذكاء اصطناعي حل محل ذكاءه البشري في مجالات عديدة.

من هنا فرض مفهوم الذكاء الاصطناعي نفسه على مختلف القطاعات وانعكس على ما نستخدمه يوميا كالهواتف الذكية والحواسيب وألعاب الفيديو وما شاكل، بل غدا من المسلمات التعامل مع تلك الأجهزة والبرامج المعلوماتية الذكية. إلا أن القدرة التحويلية للذكاء الاصطناعي خلقت تحديات لابد من التعاطي معها من البداية، مثل تحدي الثقـة والمخاطر الأمنية، والتمييز في التوظيف، والتعرف على الوجوه، ومقاطع الفيديو المزيفة باستخدام تقنية “Deep Fake”، وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية من الخصوصية وسرية البيانات إلى حرية الاختيار وحرية الضمير. ومع ذلك يعد الذكاء الاصطناعي عاملا أساسيا للتطور البشري ولا يمكن تجاهل ما يقدمه للبشر ولقطاعات الأعمال من خدمات بمختلف الأصعدة سواء الشخصية باحتياجاتها المتفاوتة أو التعليمية والطبية والتجارية والصناعية والخدمية، بل إن الابتكارات التطويرية الموجهة بالذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات تهدف أساسا إلى الحفاظ على أرواح البشر كاستخدام الروبوت في الأعمال الشاقة ومرتفعة الحرارة كالمصاهر والمناجم وعالية الخطورة على الحياة كالميادين العسكرية، فضلا عن متابعة الحالات الصحية للمرضى وتيسير مساعدة ذوي الهمم.

وبما أن تطوير الذكاء الاصطناعي بات حتميا لديمومة الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، فقد بات حتميا تفادي سلبياته وتهديداته وتطوير آلية تنظيمية أخلاقية تحكم عمل الذكاء الاصطناعي وتحدد وظائفه وتحافظ على حقوق البشر الأساسية وتشجع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي الصديق للإنسان، فالمؤشرات تدلل على تفوق الآلة على الإنسان وهضم حقوقه. لذا عملت “اليونسكو” مع شركائها حول العالم على مشروع إعداد “وثيقة تقنينية عالمية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي”؛ لضمان تكوين منظومة قيمية تحكم العلاقة بين الطرفين وتتضمن قيمًا أخلاقية ومبادئ توجيهية مشتركة بين المجتمعات كمعايير مرجعية مثل: الشفافية، العدالة والإنصاف، منع الضرر، المسؤولية، حماية البيانات والخصوصية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية