هو في البعد أجمل، وفي البعد أرقى وأزهى، هكذا يزهو البعض كالنجوم في السماء البعيدة، وبعد الارتطام بنا ينطفئون فتتكشف الحقائق والنوايا، ويتضح لنا أن البعد أرحم وأهون من زهوة مزيفة تختفي سريعا.
تقول إحداهن إنها اختبرت صبرا طويلا ومرا كبيرا، وكانت تعيش حياتها هونا على هون إلى أن تفاجأت بالطامة الكبرى التي قلبت حياتها رأسا على عقب، فزوجها الذي كانت تتمنى أن تقطف له قطعة من السماء وتقدمها على صحن من ذهب بعد أن وقعت في شباك غرامه من اللحظة الأولى وأغدق عليها من الحب والكلمات طيلة فترة تعارفهما ما جعلها تشعر أنها أميرة متوجة، وأنها ستعيش حياة المشاعر الوردية والاهتمام والرقة الدائمة، كان ممثلا عبقريا لا ينازعه سوى من حصل على جائزة الأوسكار، فمع أول خطوات الملكة تغير الرجل وتبدل وطالبها بصريح العبارة أن تدفع معه كل تكاليف الزواج مناصفة وإلا فإنه لن يستطيع أن يقدم على مثل هذه الخطوة، ولأنها متيمة وفي الحب غارقة ارتضت بنصيبها ووافقت، ومنذ تلك اللحظة إلى الآن وهي تدفع فاتورة الحب، والأمر تعدى كل ذلك لتصاحبه الكثير من الإهانة والتطاول وقائمة من الخيانات، سألتها لماذا هي مستمرة في علاقة تستنزف طاقتها دون فائدة لكنها لم تجد الرد المناسب، ولا تعلم إن كان حبه القديم مازالت بذوره مزروعة في قلبها أم أنها تخشى فراقه، أم أنها مجبورة للمحافظة على صورة اجتماعية زائفة.
للأسف لم أحصل على إجابة منها إلى الآن، إلا أنني كلي ثقة بأنها - وغيرها كثر - قد تستنزف حياتها أملا في تغير أحدهم بأن يصبح أكثر طيبة أو أكثر اهتماما أو حتى أكثر حبا، ولو أن الأمر بات شبه مستحيل في زمننا هذا، لكن الأكيد أن الاستنزاف الحاصل لمشاعرنا نحن فقط المسؤولون عنه ولا غيرنا، أن كل ما نشعر به من لحظات ضعف واحتياج واشتياق رغما عنا هي ترجمة لآمال وأفكار نحن من زرعها في مخيلتنا لا غير. لذا فإنني دوما أقول للجميع ولكل من يعيش حياة لا تعجبه أو علاقة لا تناسبه.. تحرك.. نعم تحرك أنت لست شجرة تضرب الأرض بجذورها، أنت إنسان حي تطوي صفحة لتفتح أخرى، تحرك لتتحرر وتجد نفسك من جديد، وتأكد أنك لن تغير أحدا لكنك بالتأكيد تستطيع أن تتغير وتغير من نفسك إلى ما هو أفضل مما أنت عليه.