بمجرد أن بدأت القوات الأميركية الانسحاب من أفغانستان، بدأت قبضة حركة طالبان تتزايد، إذ أعلنت الحركة مؤخرا سيطرتها على “إسلام قلعة” أهم معبر حدودي أفغاني مع إيران، وأنها تستعد لتشغيله في الوقت الذي تواصل فيه الحركة هجماتها في مختلف جبهات البلاد، مشيرة إلى أنها سيطرت على مئة إقليم من أصل نحو 400 تضمّها البلاد، بعد أن أخذت جرعة منشطة بفعل الانسحاب الأميركي، وبعد أن دانت لهم قبل شهور قلائل السيطرة على معبر حدودي رئيسي آخر وهو معبر شير خان الذي يقع بين أفغانستان وطاجيكستان، وهو ما يزيد من القوتين الاستراتيجية والاقتصادية لحركة طالبان مقابل إضعاف الدولة الأفغانية وقدرتها على بسط سيطرتها على البلاد، ما جعل الكثير من المراقبين والمتابعين يتوقعون عودة قوية وسريعة لتنظيم القاعدة.
لذا، وقبل أن تقع الفأس في الرأس كما يقولون ونجد أنفسنا أمام نسخة مطورة من تنظيم هدد العالم أجمع بإرهابه وعنفه ووحشيته، لابد من تحرك دولي موحد وقوي داعم لأفغانستان ومحبط لمحاولات عودة هذا التنظيم.
الرئيس الأميركي جو بايدن حاول طمأنة العالم بتأكيده أن سقوط البلاد بأيدي طالبان ليس حتميا، لكنه قطع الطريق أمام أي تفكير في استمرار أو عودة جنود أميركيين لأفغانستان، بعد أن دافع بشدة عن خروج القوات الأميركية من أفغانستان، وقال إنه سينتهي في 31 أغسطس 2021م بعد أن حقق الجيش الأميركي أهدافه في أفغانستان، بقتل زعيم “القاعدة” أسامة بن لادن، وضرب قدرات التنظيم ومنع شن مزيد من الهجمات على الأراضي الأميركية، قائلا: “نحن ننهي أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، لن أرسِل جيلاً جديداً من الأميركيين إلى الحرب في أفغانستان”.
إذا، ووفقًا لبايدن، فقد تمكنت أميركا من تحقيق الأهداف التي تخصها، ويبدو أن المجتمع الدولي عليه أن يبدأ من الآن من أجل العمل على تحقيق أهداف أخرى تختلف عن أهداف واشنطن، وأن يتحرك جاهدًا لكي لا تكون لتنظيم القاعدة عودة أخرى تهز استقرار العالم في وقت يعيش فيه هذا العالم حالة من الضعف بفعل جائحة فيروس كورونا كوفيد 19، فهل من تحرك استباقي دولي باتجاه أفغانستان؟.