العدد 4627
الثلاثاء 15 يونيو 2021
banner
التحذيرات البحرينية والإشكالية النووية الإيرانية
الثلاثاء 15 يونيو 2021

نهار السبت الفائت انطلقت في العاصمة النمساوية فيينا أعمال الجولة السادسة من المفاوضات مع إيران، والهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد، عوضا عن ذاك الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

التساؤل المثير الذي لا يغيب عن أذهان أي محقق ومدقق في الشؤون الأميركية: "ما الذي يجعل واشنطن-بايدن على عجلة من أمرها على هذا النحو للعودة مرة أخرى إلى الاشتباك السلمي مع إيران، والدخول معها في اتفاقية جديدة؟

مهما يكن من شأن الجواب، فإن هناك حقيقة مؤكدة، وقد أشار إليها وزير خارجية ألمانيا الأسبق يوشكا فيشر ذات مرة بقوله، إن الولايات المتحدة الأميركية مسوقة بدافع قسري مهلك يجعلها تكرر أخطاء الماضي، من دون اعتبار لتجارب الماضي".

حين ارتفع صوت الدبلوماسية البحرينية قبل بضعة أيام من خلال تصريح وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني، والذي طالب بأخذ المخاوف من البرنامج النووي الإيراني خلال مفاوضات فيينا، كانت البحرين صادقة إلى أبعد حد ومد في تحذيراتها، لاسيما أن ما يجري في فيينا لا يمكن وصفه بالاستراتيجية الشاملة التي تضع كل المخاوف الإقليمية والدولية في الحسبان. تدرك البحرين كما تدرك بقية دول العالم التي لها حظ من المعرفة المعمقة بإيران، أن هناك آلاعيب ما ورائية يقوم عليها نظام الملالي، بهدف تسويف الوقت، والمضي قدما نحو الهدف الأكبر، أي حيازة السلاح النووي، وأي إنكار من قبل القائمين على هذا البرنامج، يتم فضحه من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

قبل نحو أسبوعين، توقف العالم طويلا أمام تصريحات رفائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي وجه اتهاما صريحا غير مريح للقائمين على برنامج إيران النووي، بشأن وجود جزئيات نووية في ثلاثة مواقع، لم تدرجها إيران على لائحة المواقع التي تقوم الوكالة بالتفتيش عليها، وقبل بضعة أيام تحدث غورسي من جديد، مؤكدا أن إيران منخرطة في أنشطة كثيرة، كان من الممكن أن تكون أكثر سوءا لو كانت تمتلك قوة نووية.

يلفت الانتباه في تحذيرات البحرين أمر غاية في الأهمية، وهو أنه لم يتم إشراك القوى الإقليمية، وفي مقدمها دول مجلس التعاون الخليجي، في مناقشات فيينا، وكأن شأن النووي الإيراني يهم بالدرجة الأولى الولايات المتحدة التي تبعد عشرات الآلاف من الأميال، ولا يؤثر في مجريات الحياة بالنسبة لدول الجوار التي عانت ولا تزال كثيرا جدا من الغي الإيراني السافر، وبنوع خاص التدخل في شؤون الدول القريبة ذات السيادة على ترابها الوطني.

رغبة البحرين في التوصل إلى اتفاق ناجح، تعكس صدق رغبتها في منطقة تعرف الطريق إلى السلام لا الخصام وشعوب قادرة على السير في مساقات النور، لا مسارات الظلام، غير أن هذا برمته منوط بعدالة أي اتفاق قائم أو قادم.

تبدو الحقيقة القريبة متمثلة في اتفاق أميركي – إيراني عما قريب، ولأن طرح القضايا المصيرية يبدأ من الذات وليس من الآخرين، لهذا يتوجب على دول مجلس التعاون أن تبادر على بلورة سيناريوهات استشرافية للغد، ومن غير رهانات خاسرة على أسرة البربون الجديدة في البيت الأبيض، أولئك الذين لم يتعلموا شيئا من التاريخ ولم ينسوا شيئا منه، على حد تعبير السياسي الفرنسي الشهير موريس تاليران.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية