العدد 4621
الأربعاء 09 يونيو 2021
banner
البحرين والتعليم... قفزة نحو المستقبل
الأربعاء 09 يونيو 2021

تبدو مملكة البحرين أمام مفترق طرق مفصلي، يختص بالعملية التعليمية في البلاد، لاسيما أن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يرعى فكرا خلاقا تقدميا يختص بمدارس المستقبل، حيث البشر فيها هم المدماك الأول في بناء الأمة ونهضتها الحضارية وسعيها في طريق معارج المجد.

ولعل المقترح الذي تقدمت به قبل بضعة أيام رئيسة مجلس النواب فوزية بنت عبدالله، بشأن تطوير التعليم في مملكة البحرين وفقا للاتجاهات العالمية الحديثة، يؤكد أن البحرين وبالفعل تقدر لرجلها قبل الخطو موضعها، وما أعظمها خطوة نحو المعرفة والإبداع وإعمال العقل في النقل.

أحسنت البحرين حين طرحت محور التعليم كواحد من أهم محاور استنهاض قوة الدولة، ومراكمة النجاحات عليها، ولعله من نافلة القول، ان دولة من غير رؤية تعليمية تجاري الزمن بل تسابقه هي دولة من غير مستقبل، وحال القراءة بالمعكوس نخلص إلى أن آفاق الأمل تتسع حين يضحى التعليم سويداء القلب من الاهتمامات الرسمية للدولة.

وضعت مملكة البحرين رؤية طموحة للعام 2030 كان التعليم أولوية فيها، ولعل هذا يدعونا للتساؤل.. لماذا؟ باختصار غير مخل لأن هناك عقولا تفكر بعزم، وتعمل بحزم، تنبه الناس وترفع الالتباس، رجال لا ينفكون إلا بعد أن ينالوا ما يقصدون، وفي أول القصد وأهمه المستوى العلمي والفكري للأجيال البحرينية القادمة.

ويبقى التعليم أول الأمر وآخره أهم حائط صد ضد الاختراقات التي لوثت العقول في العقود الأخيرة، بالإغراق في الأصوليات الضارة تارة، أو العبء من الليبراليات المنفلتة، ومن ورائهما كانت هناك رؤى تعليمية مغرقة في التطرف. يبقى التعليم في جميع الأحوال على علاقة عضوية بالعقل، وعليه فإما أن ينتج لنا عقلا وسطيا قابلا للآخر منفتحا على المغاير، قادرا أن يسأل ويحاجج من غير خوف، أو من أسف شديد يخرج لنا عقولا متكلسة ومتحجرة، ترفض الإبداع بحجة الاتباع. وليس سرا أن عالمنا العربي قد دفع في العقود الثلاثة المنصرمة أكلافا عالية وغالية، والسبب ذاك النظام التعليمي القائم على ثقافة الحفظ والتلقين، والمستند إلى مبدأ أن لكل سؤال جوابا واحدا صحيحا، وكل ما عداه خطأ يستوجب العقاب بالرسوب، ما ساهم وربما من غير قصد في تهيئة التربة العربية لأجيال تؤمن بالتطرف في أسوأ صوره.

أنفع وأرفع ما في مشروع البحرين لتنمية وتطوير التعليم، الانفتاح الإيجابي والخلاق عند المعنى الأشمل للعملية التعليمية، تلك التي تنطوي على بناء عقل الأمة وإصلاح هذا العقل عبر تشريعات مدنية تفكر في النسبي بما هو نسبي، والمطلق بما هو مطلق، ولا تخلط بين الأمرين.

هل من نازلة حلت بالإنسانية تجعل من البحث في تطوير العملية التعليمية فرضا لا نافلة؟

حكما كانت جائحة كوفيد -19 المستجد، والآثار الكارثية التي خلفتها، عاملا مؤثرا على مستقبل الأجيال الصاعدة حول العالم، ومؤخرا صدر تقرير من البنك الدولي يشير إلى أن تكلفة الخسائر في العملية التعليمية بسبب عامي الوباء تصل إلى 10 تريليونات دولار أو 10 % من إجمالي الناتج العالمي خلال العقدين القادمين.

إصلاح التعليم يعني حياة أفضل في الحال والاستقبال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية