نعم.. كانت هذه الحكمة التي يرددها على مسامعنا دائما سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، فلا خير في المجتمعات التي لا تتعظ وتتعلم من الهزات الاجتماعية والسياسية إن هي أرادت المضي باتجاه المستقبل، فالعبر تبرز وتشع في الآفاق والأرجاء، والمجتمع الذي تكون له قيمة ودور وتاريخ هو الذي يستفيد من تلك العبر ويجعلها واحدة من مفاتيح انطلاقته وتميزه وإلا سيكون كمن يعيش على هامش الحياة مكتفيا بالزبد المتكسر على رمال الشاطئ ويلعب بالصدف اللماع بين أكوام الحصى والتراب، من لا يستفيد من تجاربه في الحياة سيعيش الانحناءات المتعاقبة، لأن الاستفادة من التجارب واستخلاص الدروس والعبر أمور تقود إلى النجاح وتحقيق الرغبات والتطلعات.

كيف سنستفيد من جائحة كورونا في ميزان الحياة ونحن نعرف أنها تدبير إلهي وما حياتنا سوى خيوط معنوية دقيقة تتداخل في نسيج الرداء العظيم المشترك الذي يشتغل في نسجه جميع الناس على السواء.

حقيقة نحن “مدينون” لجائحة كورونا لأنها فتحت أمام الدول والمجتمعات أبواب الاختبار والتعلم، وأعطتنا شكلا خاصا لطريقة هندسة الحياة، بل منحتنا القوة لبناء خطوط دفاعية متقنة لم نكن نعرف عنها أي شيء في الماضي، فقد تدفقت جيوش الأطباء والعلماء من كل دول العالم إلى ساحة القتال والمعركة، حاملة راية واحدة هي البسالة والتضحية والعقل المفكر.

الاستفادة من الدروس والعبر معناها أن يرى الإنسان الحقيقة العظيمة أمامه، وينفذ إلى حقول جديدة كما فعلت اليابان على سبيل المثال بعد انكسارها وخسارتها في الحرب العالمية الثانية، فكل الدلائل تشير إلى أن اليابانيين رجعوا إلى تعاليم أحد أباطرتهم القدماء الداعية إلى التأقلم مع تقلبات الزمن وتحويل الخسارة إلى طريق معبد أمامهم للنجاح، وصدق من قال إن الحياة لا تقاس.. إنما توزن.