العدد 4595
الجمعة 14 مايو 2021
banner
وداع محمل بالحب يا صديقي
الجمعة 14 مايو 2021

سئمنا الجروح التي ترافقنا وتتجدد كل مرة ولكن مع أشخاص آخرين، وأحيانا تجد أن العزلة ملاذك الأخير مثل ألبير كامو وبارنيس باسترناك، أحدهما اعتزل الصحافة بعد إنجازاته في تغيير مجرى الثورة الفرنسية، والآخر بسبب هجومه في كتابته على الكنيسة، فطلب أن لا يقف رجل دين من الكنيسة على قبره، بل أن تعزف على قبره موسيقى شوبان باخ الحزينة، لكن المشكلة الكبيرة ليست لدى المثقفين، بل لدى المنافق والجاهل والعنصري، فهو لا يفهم كيف يعيش مع الناس ولا يعرف العزلة، وبقاؤه ليس إلا تشويها لصورة الإنسان النبيل، لأنه بكل الأحوال معزول ذهنيا ويعيش داخل قيحه المتورم المحمل بالأحقاد.

وقبل نحو عشرة أيام ذهلت من أحد الأصدقاء وهو يسألني عن قصته القصيرة والأليمة، يقول كنت بعلاقة طيبة مع صديق تشاركنا العيش والسفر والعمل منذ زمن طويل، ويقسم أنه كان مخلصا صادق النوايا، يقول تفاجأت بأنه كلف أحد

عمالته بالتجسس علي، يقول.. أصابني الحزن عليه أكثر من حزني على نفسي أن يصل فيه التفكير إلى هذا المستوى وينسى ما تشاركنا فيه من مصاعب الحياة، هنا صمت صديقي قليلا وسألني ماذا أفعل هل أقول له أم أصمت؟ ماذا أفعل؟ قلت له هذا حال الكثير وكلمته عن بعض القصص للكتاب والفلاسفة، قلت له معظمهم يناضلون من أجل السلام والثقافة والأدب والبعض من البرابرة الذين يعيشون على إظهار عيوب الآخرين وهم من ضعاف النفوس يحاربون هؤلاء حتى جعلوهم يعتزلون الكتابة والنصح رغم أن البسطاء من الناس بأمس الحاجة لكتاباتهم، فيا صديقي أنت أيضا احمل حقائبك واعتزل ذاك العمل وارحل عن من سولت له نفسه أن يخونك، فأنت يا صديقي لست مسؤولا عن أفكاره ولا أحقاده، وأنت يا صديقي لست أفضل بأفكارك ونضالك من ألبير كامو ولا من باسترناك.. ابق ناصحا أمينا يا صديقي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .