العدد 4588
الجمعة 07 مايو 2021
banner
لعب الأدوار
الجمعة 07 مايو 2021

بعد أن تجاوزت العشرين فهمت أن الأجيال القادمة ستمر بنفس المرحلة الفكرية التي مررت بها، ومنهم من سينجو من مفاهيم غير واقعية يتخيلها، وسيفهم أن السياسة ستتدخل في خصوصياتنا في العمق، وتغير سيناريوهات كثيرة، ومن يستوعب ذلك سيجد أن الدين سيس في كثير من المراحل واستخدم لقمع وتدمير كثير من الشعوب، والأمم أصبح صغيرها وكبيرها فقيها يفتي حتى ينتصر لنفسه ورأيه البائس، وأن السياسة تدخلت وفرقت فكر الشعوب السياسي والعقائدي والديني، وتدخلت في نزاهة النفس، وأجبرت البعض على الرضوخ لغير المعقول وغير المفهوم، وأصبحوا مفتين سياسيين واجتماعيين، فنخروا عقول الآخرين بأفكار ما أنزل الله بها من سلطان، وكفروا من كفروا وأدخلوهم جهنم وساءت مصيرا.

وبعد الثلاثين تحاول أن تستقر في منتصف العمر كي ترسم لحياتك مستقبلا، فتجد نفسك أسيرا للسياسة والأدوار التي عشتها، وتتقلب مرة فقيها عباسيا ومرة مفت، ومرة سياسيا براغماتيا، وهنا لا يمكن بناء المستقبل لنفسك إلا أن تؤيد أو تستنكر الفعل السياسي الديناميكي. أما سنين الأربعين ستكلفك الاجتهاد النفسي، حيث إنك لم تبن لنفسك سوى الآهات والأنين، وتجاهد كي تعوض ما فات بعد أن غمرت نفسك بإرضاء الآخرين.

أما الخمسينات من عمرك فهي مخصصة للنوح على عشب الذكريات، وستجد أن الزمان سرقك وأنت مازلت بنفس الوظيفة، لذلك تتهيأ لدخول سنين اليأس، وذلك بسبب أنك كنت تلعب أدوارا غير مناطة بك، وتجد نفسك عشت مفهوما خاطئا ولم تنتبه أنك وصلت مرحلة النضوج وتجاوزت الأربعين، وأساس المشكلة هو الأدوار التي تحاول لبسها، فتسرق من حياتك الكثير من الوقت والعمر، وفي آخر العمر ستجد أنك سرقت وسرق منك كل شيء حتى الشمس التي كنت تتدفأ فيها من خلال نوافذ منزلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية