+A
A-

عميد الفرسان البحرينيين المرحوم محمد غزوان

راحلون وذكراهم باقية .. زاوية‭ ‬عن‭ ‬سيرة‭ ‬شخصيات‭ ‬رحلت‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭.. ‬ونفتقدهم‭ ‬بالشهر‭ ‬الفضيل‭.. ‬وعطر‭ ‬سيرتهم‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬حاضرا

 

يتذكر‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬من‭ ‬الفرسان‭ ‬البحرينيين،‭ ‬المحترفين‭ ‬والشباب‭ ‬والهواة،‭ ‬ومن‭ ‬عامة‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬اعتادوا‭ ‬على‭ ‬لقاء‭ ‬عميد‭ ‬الفرسان‭ ‬البحرينيين‭ ‬المرحوم‭ ‬محمد‭ ‬غزوان،‭ ‬تلك‭ ‬الليالي‭ ‬الرمضانية‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تجمعهم‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬البحرين‭ ‬للفروسية،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬“مركز‭ ‬سامي‭ ‬غزوان‭ ‬للفروسية”،‭ ‬فالراحل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دورٌ‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬رياضة‭ ‬الفروسية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬فكرة‭ ‬مسابقات‭ ‬الفروسية‭ ‬الرمضانية‭ ‬الليلية،‭ ‬وكانت‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬واهتمام‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬الفروسية‭.‬

 

 

رحل‭ ‬عميد‭ ‬الفرسان‭ ‬محمد‭ ‬غزوان‭ ‬“بوسامي”‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬أغسطس‭ ‬2017،‭ ‬وكتبت‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬تقريرًا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أعدادها‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الفارس‭ ‬الراحل،‭ ‬حيث‭ ‬يتذكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفرسان‭ ‬اليوم‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬للراحل،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المهم‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬عرفانًا،‭ ‬فقد‭ ‬عرف‭ ‬بالتواضع،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يبخل‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬خبرته‭ ‬إليهم،‭ ‬وربما‭ ‬الجانب‭ ‬المهم،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬قصة‭ ‬ملهمة‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬مع‭ ‬الفارس‭ ‬عباس‭ ‬الغريفي،‭ ‬وهي‭ ‬قصة‭ ‬تحد‭ ‬لإثبات‭ ‬قوة‭ ‬الخيل‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬فوصلوا‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭.‬

 

ملتقى‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق

المرحوم مع ابنه الفارس سامي غزوان

يحدثنا‭ ‬نجله‭ ‬الكابتن‭ ‬سامي‭ ‬غزوان،‭ ‬فيقول‭: ‬“كانت‭ ‬ليالي‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للوالد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بمثابة‭ ‬لقاءات‭ ‬ليلية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تنظيم‭ ‬غبقات‭ ‬للفرسان‭ ‬ولاسيما‭ ‬القدامى،‭ ‬ويشارك‭ ‬فيها‭ ‬أيضًا‭ ‬معارفه‭ ‬وأصدقاؤه‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬الإسطبل‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬باربار،‭ ‬أي‭ ‬مدرسة‭ ‬البحرين‭ ‬للفروسية،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يهتم‭ ‬به‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬تشجيع‭ ‬أبناء‭ ‬العائلة‭ ‬من‭ ‬الفرسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬مسابقة‭ ‬قفز‭ ‬الحواجز‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬ويشجعني‭ ‬ويشجع‭ ‬غيري‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬المشاركة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬مكانته‭ ‬الروحية‭ ‬والعبادية،‭ ‬فكان‭ ‬يخصص‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬لتلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬والعبادة،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬العصر‭ ‬كان‭ ‬يهوى‭ ‬القيام‭ ‬بجولات‭ ‬يومية‭ ‬لمدة‭ ‬ساعتين‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬موعد‭ ‬الإفطار،‭ ‬أما‭ ‬الرياضة‭ ‬فكان‭ ‬يمارسها‭ ‬فجر‭ ‬رمضان‭ ‬ثم‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬النوم‭.‬

المرحوم في صورة بالزي العربي التقطت في الثمانينات

أحاديث‭ ‬الفروسية‭ ‬في‭ ‬البحرين

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يستذكر‭ ‬الأصدقاء‭ ‬أيام‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬مع‭ ‬المرحوم‭ ‬“بوسامي”،‭ ‬فعلاوة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬صاحب‭ ‬فكرة‭ ‬إقامة‭ ‬بطولة‭ ‬قفز‭ ‬الحواجز‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وفي‭ ‬مواسم‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الشتوية‭ ‬أقام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الملكي‭ ‬لقفز‭ ‬الحواجز‭ ‬بطولة‭ ‬رمضانية،‭ ‬وكان‭ ‬المرحوم‭ ‬حريصًا‭ ‬آنذاك‭ ‬على‭ ‬التواجد‭ ‬والدعم،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬زياراته‭ ‬للمجالس‭ ‬الرمضانية،‭ ‬كانت‭ ‬الأحاديث‭ ‬تدور‭ ‬بحضوره‭ ‬حول‭ ‬الفروسية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وماضيها‭ ‬الجميل‭ ‬وحاضرها‭ ‬والداعم‭ ‬لها‭ ‬ويحثني‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬المجالس‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬موضوعها‭ ‬الفروسية‭ ‬وماضيها‭ ‬الجميل‭.‬

المرحوم غزوان أسس فكرة مسابقات الفروسية الرمضانية

رحلة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭.. ‬إلى‭ ‬أوروبا

من‭ ‬الجميل‭ ‬أيضًا،‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬التذكير‭ ‬هنا‭ ‬بكتاب‭ ‬الراحل‭ ‬غزوان‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬بعنوان‭: ‬“في‭ ‬رحلة‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭.. ‬عدت‭ ‬الخيل‭ ‬العربية”‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬رحلة‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية‭ ‬بل‭ ‬الوحيدة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬التي‭ ‬يسافر‭ ‬فيها‭ ‬رحالان‭ ‬على‭ ‬ظهور‭ ‬الخيل‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1990،‭ ‬ويقول‭ ‬نجل‭ ‬الراحل‭ ‬الكابتن‭ ‬سامي‭ ‬غزوان‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬حجمه‭ ‬والكبير‭ ‬في‭ ‬مضمونه‭ ‬ومعانيه،‭ ‬توثيق‭ ‬للرحلة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الوالد‭ ‬عميد‭ ‬الفرسان‭ ‬البحرينيين‭ ‬محمد‭ ‬غزوان‭ ‬مع‭ ‬الصديق‭ ‬الفارس‭ ‬عباس‭ ‬الغريفي‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬العام‭ ‬1990‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬ولأهمية‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تندثر‭ ‬ولكي‭ ‬ننقلها‭ ‬للأجيال،‭ ‬جاءت‭ ‬فكرة‭ ‬إصدار‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬المتواضع،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الرحلة‭ ‬تحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعاني،‭ ‬لا‭ ‬لنعرف‭ ‬الغربيين‭ ‬بقوة‭ ‬وجمال‭ ‬الخيل‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬لنحمل‭ ‬المحبة‭ ‬والتعارف‭ ‬والتلاقي‭ ‬كرسالة‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬خصوصًا‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭ ‬عمومًا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭.‬

أسس مدرسة البحرين للفروسية العام 1969

وحينما‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬الكتاب،‭ ‬تتجلى‭ ‬أهمية‭ ‬إصداره‭ ‬وتدوين‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تندثر،‭ ‬فالكتاب‭ ‬يضع‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الرحلة‭ ‬منذ‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعداد‭ ‬لها‭ ‬مرورًا‭ ‬بخطها‭ ‬الجغرافي‭ ‬وانتهاءً‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬العودة‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وانتهت‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬ثم‭ ‬سوريا‭ ‬وعودةً‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬ثم‭ ‬السعودية‭ ‬ثم‭ ‬البحرين،‭ ‬ولأهمية‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬إنجازًا‭ ‬بحرينيًا‭ ‬عربيًا‭ ‬حمل‭ ‬رسالة‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة‭ ‬والقيم‭ ‬البحرينية‭ ‬والخليجية‭ ‬والعربية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعريف‭ ‬الشعوب‭ ‬بالفروسية‭ ‬والخيل‭ ‬العربية‭ ‬والتراث‭ ‬الأصيل،‭ ‬وحفظًا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬لهذا،‭ ‬فالكتاب‭ ‬يمثل‭ ‬إضافة‭ ‬للمكتبة‭ ‬البحرينية‭ ‬تحمل‭ ‬إنجازات‭ ‬أبنائها‭.‬

إذن،‭ ‬هي‭ ‬قصة‭ ‬وسيرة‭ ‬شخصية‭ ‬فارس‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬رحيله‭ ‬5‭ ‬سنوات،‭ ‬لكن‭ ‬ذكراه‭ ‬باقية؛‭ ‬عرفانًا‭ ‬وتقديرًا‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الزمن‭.‬