المكتبة الوطنية شاهد على حضوره الثقافي البارز منذ الثلاثينات
بالفيديو: أحمد عبيد.. رائد المكتبات وصاحب الذاكرة الحديدية
راحلون وذكراهم باقية: زاوية عن سيرة شخصيات رحلت عن دنيانا.. ونفتقدهم بالشهر الفضيل.. وعطر سيرتهم ما زال حاضرا
من بين أوراق ذكرياته التي لا يزال يحتفظ بها نجلاه جلال وعماد، يأخذنا المعلم ورائد المكتبات في البحرين المرحوم أحمد إبراهيم عبيد الذي انتقل إلى جوار ربه يوم 15 يوليو 2019 إلى شهر رمضان في الخمسينات من القرن الماضي. ففي العام 1955 – كما كتب المرحوم عبيد – طلب مدير الإذاعة (الله يرحمه) الأستاذ إبراهيم كانو مني تسجيلًا عن شهر رمضان أيام زمان في إذاعة البحرين في مقرها القديم، وفعلا تم تسجيل الذكريات وتمت إذاعته في رمضان من العام 1955 ولقاء تلفزيوني آخر مع المذيع يوسف محمد وفي الإذاعة عدة لقاءات إذاعية مع المرحومة كريمة زيداني وفوزية محمد وفتحية عبدالله عن رمضان أيام زمان والبيوت القديمة والتراثية والتي تم هدمها حاليًا، ومنها بيت فاروق وعبدالنور البستكي ومحطة البترول خلف (سينما اللؤلؤ) وبيت المرحوم محمد العيد وعيادة ومقر الدكتور (بندر كار) في المحرق مع عيادة أم هاني بالمحرق وعيادة الدكتور سيد أحمد، وكلها انقرضت الآن وأصبحت من الذكريات وعيادة بنت الزياني في المنامة القريبة من سينما اللؤلؤ بالمنامة، ولقاء تلفزيوني مع الصحفي والمذيع المعروف والمشهور سعيد الحمد عن مكتبة الوالد المرحوم إبراهيم عبيد في سوق القيصرية العام 1925 وتم إغلاقها والانتقال إلى المنامة 1937 (سنة مولدي) وتم نقلها إلى شارع باب البحرين بالمنامة، وكنت يده اليمنى كما يقول والدي المرحوم من العام 1942 حتى سنة وفاته في 1961.
رواد الثقافة
كل شباب البحرين المثقف كان يتردد على المكتبة الوطنية وشعراء البحرين ومعظمهم تحدث في إذاعة وتلفزيون البحرين، وكذلك من الذين توفوا وانتقلوا إلى رحمة الله أستاذنا وشاعرنا الكبير المرحوم إبراهيم العريض وعلي التاجر وعبدالله الطائي وحسن جواد الجشي وعبدالجليل إبراهيم العريض وسالم العريض وإسماعيل العريض ومحمد أمين الخاجة وعلي أجور وعبدالرحمن أجور وإبراهيم أجور ويعقوب الحمر وعلي العرادي وصادق البحارنة وشقيقه تقي والمرحوم علي الوزان وعبدالرحمن الوزان وعلي تقي ومحمود المردي وعبدالرحمن وفارق المؤيد وإبراهيم المؤيد وسعد الشملان وعبدرحمن الباكر ومنصور العريض وغيرهم كثير (الله يرحمهم جميعًا). (انتهى الاقتباس من مذكرات المرحوم(
دكان صغير
يقدم لنا أبناء المرحوم بعض الكتابات التي كتبها أصدقاؤه، ومنهم الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي بجامعة الدول العربية السفير خليل الذوادي، ووكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم والمناهج عبدالله المطوع، ومن بين ما كتب عنه أنه كان يتمتع بذاكرة حديدية طوال حياته، ولديه معلومات عن المكتبات التجارية التي تأسست في عقود العشرينات وحتى الستينات من القرن العشرين، وكان أسلوبه في الحديث عن المكتبات التي تأسست في تلك العقود شائقا، كما أنه يذكر التفاصيل الدقيقة عن كل مكتبة من حيث تاريخ تأسيسها وموقعها وما تضمه من كتب، حتى يخيل إليك وكأنك تشاهد فيلمًا توثيقيًا يعرض مبنى مكتبة والده بسوق القيصرية “كان مبنى المكتبة عبارة عن دكان صغير بنيت جدرانه من الحجارة والطين، وتتسرب إليه أشعة الشمس ونسمات الهواء من خلال بابه الضيق الذي يطل على الجهة الشرقية من سوق القيصرية”.
طباعة الكتب
إن مكتبة والده (المكتبة الوطنية) استفادت في بداية فتحها من مكتبتي التاجر والكمالية بمدينة المنامة في تزويدها بالكتب، ثم اتجه والده إلى مطابع بومبي بالهند، فأخذ يرسل حولاته لتزويده بما تتم طباعته من كتب عربية هناك والتي كان أكثرها من الكتب الدينية. وبدأ بإرسال حوالة بقيمة خمس روبيات، ثم تضاعف المبلغ إلى عشر روبيات، ووصل في نهاية المطاف إلى عشرين روبية. وبهذه المبالغ الزهيدة في يومنا هذا كان يستورد العشرات من الكتب العربية، ونقل والده المكتبة إلى مقرها الجديد بالمنامة على شارع باب البحرين في العام 1937، حيث كان باب المكتبة يطل على الجهة الغربية، وكان أحمد ابراهيم عبيد يملك من معلومات دقيقة عن مكتبة عن الصحف والمجلات التي كانت ترد إلى المكتبة الوطنية في خمسينات القرن العشرين، وهي: آخر ساعة، المصور، روز اليوسف، الأهرام، مجلة الجيل، أخبار اليوم الأسبوعية، ومجلة الأطفال السندباد، وأخرى البعكوكة، منبر الإسلام، لواء الإسلام، الأديب والآداب، ومعظمها من مصر وقليل منها من لبنان، كما كانت تصل المكتبة مجلة أخبار الحرب التي تصدر عن مكتب الاستعلامات البريطاني بالمنامة في أربعينات القرن العشرين، وتعنى بتفاصيل الحرب العالمية الثانية من وجهة الحلفاء.
الجيل الجديد
أسس الراحل أحمد إبراهيم عبيد فرعًا للمكتبة الوطنية بشارع الشيخ عبدالله بالمنامة في العام 1959 في عهد والده، وأطلق على هذا الفرع (مكتبة الجيل الجديد). واستمر هذا الفرع الذي يتبع المكتبة الوطنية حتى عام 1961، وهو العام الذي توفي فيه والده، فاستقل بفرعه (مكتبة الجيل الجديد)، كانت محتويات مكتبته تضم مجموعة كتب دينية، وأدبية، وعلمية، وتاريخية، وأخرى في مجالي التربية وعلم النفس.
وبمرور الأيام جمعت مكتبة الجيل الجديد بين بيع الكتب والمواد القرطاسية. وكان صاحبها على دراية تامة بما يحتاجه طلبة الفصول الدراسية بالمراحل التعليمية الثلاث من المواد القرطاسية، فكان يرتب كل مجموعة في ظرف خاص تسهيلًا للطلبة وترتيبًا لعمله بالمكتبة، ولهذا، يعد الراحل أحمد إبراهيم عبيد من بين جيل الرواد المؤسسين للمكتبات التجارية في البحرين، فقد بدأ العمل بمكتبة والده منذ صباه، حيث كان يساعده في ترتيب الكتب وبيعها، وهي المكتبة التي أسسها والده بسوق القيصرية بالمحرق في العام 1929، وأطلق عليها اسم (المكتبة الوطنية) والتي تعد المكتبة التجارية الثالثة التي تؤسس في البحرين في عشرينات القرن الماضي بعد مكتبة التاجر والمكتبة الكمالية.