العدد 4530
الأربعاء 10 مارس 2021
banner
رائد البصري
رائد البصري
الاقتصاد العصبي وموجات الثقة
الأربعاء 10 مارس 2021

 أثبتت عدة دراسات في مجال الاقتصاد العصبي (علم بيئي يقوم الاقتصاد السلوكي وعلم الأعصاب المتنامي بالأدلة المادية)، إن ثقافة الثقة والتعاون التي يمكن أن يعيش في إطارها الإنسان تساهم في تنشيط مناطق بالدماغ وتزيد من مستوى هرمون الاكسايتوسين الذي يقلل من الشعور بالقلق ويحفّز على مشاركة الآخرين لإيجاد حلول مشتركة للمشكلات وذلك باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) وبقدر ما أكدت الدراسات والملاحظات السابقة فإنها عزّزت منهجيات الإدارة ورؤى القيادة للمطالبة بإشاعة مناخ الثقة في كل مكان، فالثقة وسيلة الازدهار ومتطلب مسبق لنجاح أي تفاعل اجتماعي سواء على مستوى الأسرة أو المنظمات أو المجتمعات أو الدول.
 يركّز الموظفون وفقًا لمدير مركز "دراسات الاقتصاد العصبي"، باول زاك، طاقاتهم في البيئات المنخفضة الثقة مثلاً على حماية أنفسهم بدافع الخوف من فقدان الوظيفة بدلاً من تركيزهم على الإبداع والتجديد والتمييز كما يغلب على تعاملهم المنافسة والصراع من أجل البقاء مما يبطئ سير الأمور ويرفع من التكلفة، والعكس صحيح فالبيئات المرتفعة من الثقة تسودها المناقشات المنفتحة والقيادة المتعاونة التي تنجح في النهاية بإيجاد حلول للقضايا والمشكلات بسرعة وفاعلية. وهناك إحصائيات في نفس المساق تشير إلى العاملين في الشركات المتمتعة بقدر أكبر من الثقة يشعرون بتوتر أقل بنسبة 74 % مقارنة بالعاملين في الأماكن التي تنخفض فيها الثقة وتكون مستويات طاقاتهم أثناء الدوام وإنتاجيتهم أعلى بنسبة 95 % على التوالي كما تقل الإجازات المرضية وتزيد نسبة الرضا عن الحياة بشكل عام في الكيانات الأكثر ثقة.
يرى ستيڤن كوفي بعد ربع قرن من مساعدة الشركات والمنظمات لفهم ما تفعله الثقة فمن أجل استثمار الطاقات والاستمتاع في العمل في أجواء ايجابية من خلال ثلاث حقائق أولاً: أن الثقة محرك اقتصادي وليس مجرد فضيلة اجتماعية يستحب وجودها لتسريع الانجاز وخفض التكاليف.
 ثانيًا: الثقة شيء يغيّر كل شيء لأنها تحفز وتعزز التعاون والشراكة وعمل الفريق وكفاءة التنفيذ. ثالثًا: تولد ثقة الذات ومنها تنطلق ثقة العلاقات فثقة المنظمة وثقة السوق والثقة المجتمعية.
* نوايا وقدرات
يوصينا كوفي أيضًا بأن نحسّن نوايانا بالتوقف لفحص دوافعنا ومراجعتها وننقحها وإعلانها بصوت مرتفع حتى لا يساء فهمنا كما يتعين علينا معرفة اتجاهاتنا ورؤيتنا للعالم من خلال التعلم المستمر.
أما النجاح الحقيقي فيتطلب التعامل بانفتاح وشفافية وأمانة وتحمل المسؤولية وتعلم الأخطاء والإصرار على تجاوز العقبات.
* أرصدة موجات الثقة
موجة السلوك: التي تركز على تعلم بعض السلوكيات الحديثة بصورة مباشرة دون دوران أو تسويف وإظهار الاحترام للآخرين والشفافية لهم وتصويب الأخطاء وإظهار الولاء والخروج بنتائج والتحسين المستمر للذات.
موجة الواقع: توضيح التوقعات، وتقبل المحاسبة والاستماع والمقابلة والالتزامات بالمواعيد وتعميق الثقة.
موجة المؤسسة: ثقة المؤسسة التي تتضمن العمل مع أشخاص تثق بهم وانجاز الكثير بالتعاون معهم وتأتي من تماشي مع نظم المؤسسة وهيكلها ومكافأتها حسب هدف واحد متسق ومشترك.
موجة السوق: ثقة السوق التي تقوم على مبدأ السمعة الطيبة عندما يثق العملاء والمستثمرين بمنتج ما أو علامة تجارية تكون محل ثقة وإعجاب.
موجة الثقة المجتمعية: التي تزيد عند إضافة قيمة للآخرين وللمجتمع ككل والمبدأ هنا مساهمة أو مبادرة ذات معنى تكون بمنزلة رد جميل للمجتمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .